0 تصويتات
في تصنيف مناهج دراسية بواسطة (1.1مليون نقاط)

ملخص درس الإنية و الغيرية  تحليل نص ديكارت ص28 من كتاب الفلسفة آداب

أولى ثانوي باك 2024 الدرس 3 

1) الإنية و الغيرية :

 ماهية الإنسان " لديكارت ص 28 من كتاب الفلسقة 4 آداب طبعة 

أهلاً بكم طلاب وطالبات في موقع النابض alnabth بمعلوماته الصحيحة نقدم لكم أفضل الأسئله بإجابتها الصحيحه كما نقدم لكم الأن أعزائي طلاب وطالبات العلم من من الدروس المقترحة والمتوقعة لهذا العام تحضير وتحليل وملخصات شرح وحل أسئلة الاختبارات والواجب المدرسي ونماذج الامتحان ومنهجية الاجابة وكما عودناكم أعزائي الطلاب والطالبات أن نقدم لكم إجابة السؤال القائل ___ملخص درس الإنية و الغيرية تحليل نص ديكارت ص28 من كتاب الفلسفة آداب

وتكون اجابتة الصحية 

الدرس 3 

1) الإنية و الغيرية :

كما هو واضح من خلال عنوان المسألة " الإنية و الغيرية " سنهتم في هذا السياق بالعلاقة الممكنة ( تناقض , تكامل , صراع , تواصل ...) بين الإنية و الغيرية و هو ما يتطلب منا في البداية أن نحدد بصفة أولية على الأقل معنيي الإنية و الغيرية و قد يكون من المفيد استشكال العلاقة من خلال وضعية استكشاف معينة . فنحن نلاحظ من خلال تجربتنا اليومية أننا نعيش معا و نتكلم مع بعضنا البعض و نتبادل المشاعر و الآراء و الخدمات و غير ذلك , و لكن علاقتنا ببعضنا البعض لا تخضع لنمط واحد كالحب و الصداقة ... إنما قد تكون عدائية محكومة بالكره , الحقد ... كما أن التساؤل عما يشكل جوهر وجودنا أو ما به يتقوم وجودنا في العالم أي إنّيتنا و وجود الأغيار أي مابه يكون الغير غيرا و علاقتنا الأنطولوجية ببعضنا البعض لا يحظى بأي اهتمام تقريبا منا خلال حياتنا اليومية . إنما قد يحدث أن نهتم بالأمر في بعض الحالات التي تدفعنا إليها وضعيات معيشة دفعا كحالات موت الأحبة أو التعاطف مع أحد الغرباء أو تحول مفاجئ في العلاقات بين الأفراد و الجماعات أو ... و الأمر نجد له تعبيرات مختلفة في الأدب و الأديان و المسرح ... و لكن كذلك في الفلسفة . فكيف تستشكل الفلسفة علاقة البشر ببعضهم البعض على نحو أساسي أي على الصعيد الأنطولوجيّ ؟

أ‌) عودة الأنا إلى ذاته :

السند البيداغوجي : " في ماهية الإنسان " لديكارت ص 28 من كتاب الفلسقة 4 آداب طبعة 2014

المصدر : " تأملات ميتافيزيقية " الصادر سنة 1641 باللغة اللاتينية ثم باللغة الفرنسية . و هو مؤلف من الحجم الصغير إذ يضم حوالي 100 صفحة , يضم المؤلف 6 تأملات . يهتم ديكارت في أولها بالأشياء التي يمكن الشك في معرفتنا بها و في الثاني بطبيعة الروح البشري أو النفس. و في الثالث بوجود الله , و في الرابع بالتمييز بين الخطإ و الصواب و في الخامس بماهية الأشياء المادية , وفي السادس بوجود الأشياء المادية و التمييز بين النفس و الجسد لدى الإنسان .

يقول هيغل عن ديكارت : " رونيه ديكارت هو الفاتح الحقيقيّ لعصر الفلسفة الحديثة من حيث أنه يعتبر الفكر مبدأ أولا ."

الهدف العام : إدراك التحول الذي قام به ديكارت في طريقة بحث الإنسان عن ذاته و التمييز بين النفس و الجسد الآلة . و تحديد إنية الإنسان بماهي فكر خالص .

وضعية الانطلاق :

نحن نستعمل ضمير المتكلم " أنا " لننسب أفعالا و حالات متعلقة بنا كأشخاص متميزين عن بعضنا البعض . كأن أقول : أنا أتكلم , أنا أشك , أنا على يقين من ... و نحن نتعلم كيف نستعمل هذا و كل الضمائر الأخرى وفق قواعد نحوية و صرفية مضبوطة في كل لغة . و لكن نحن نسلم بوجود الأنا تسليما ساذجا و لا نتساءل عن كنه , ماهية هذا الذي نسميه " أنا " و لا عن معنى وجوده , بل إن الفلاسفة أنفسهم رغم اهتمامهم بالبحث في ماهية الموجودات لم ينتبهوا إلى هذا الأمر الجلل إلا مع ديكارت خاصة (31/03/ 1596-11/02/1650) في كتابه " تأملات في الفلسفة الأولى " المعروف في تاريخ الفلسفة بـ " تأملات ميتافيزيقية ". إن السؤال الفلسفيّ من حيث هو سؤال أنطولوجي أي يتعلق بالوجود عامة و وجود الإنسان بصفة خاصة كان عليه أن يبحث في معنى وجود الأنا و هو الأمر الذي سينهض به ديكارت في كتابه المذكور. ما الأنا ؟ ما الذي يشكل ماهية وجود الأنا هو سؤال يخص الفيلسوف دون غيره . هو سؤال لا يطرحه مستعمل اللغة في الحياة اليومية و لا النحوي و لا حتى عالم النفس فهذا الأخير حتى و إن تحدث عنه فإنه يسلم كغيره من الدارسين بوجوده . إن الفيلسوف فقط هو من شكك في وجوده و حاول أن يبحث في معناه و ماهيته .

المبحث : الانتروبولوجيا الفلسفية 

المرجعية : 

يعرف ديكارت بـ " أب الفلسفة الحديثة " , و تعرف الفلسفة الديكارتية بكونها فلسفة الذاتية إذ يؤسس ديكارت ما يعرف لديه بشجرة الفلسفة ( انظر كتابه " مبادئ الفلسفة " 1644) على يقين أولّ/ حقيقة أولى بالمعنى المعرفي الإبستيمولوجي على الأقل هو "الكوجيتو" في اللغة اللاتينية وتترجم إلى العربية بـ " الأنا أفكر" موضوع الفلسفة الأولى أو الميتافيزيقا . و قد توصل ديكارت إلى مثل هذا التأسيس الفلسفي عن طريق منهج الشك المنهجي ( راجع كتابيه " مقالة المنهج " 1637 و كتابه " تأملات ميتافيزيقية " 1641). فديكارت هو من بين الفلاسفة الذي انتبه إلى أهمية المنهج في الفلسفة و خصص لذلك كتابه المعروف " مقالة المنهج " . يضاف إلى ذلك أن ديكارت عالم كبير في الرياضيات فهو مؤسس نظام رياضيّ يسمى باسمه هو نظام الإحداثيات الديكارتية و مؤسس التصور الآلي للجسد و الطبيعة عامة ضدّا عن التصور الأرسطي الإحيائي الذي ساد الفكر الفلسفي و العلمي منذ العهد اليوناني إلى حدود الفرن 17 , و هو تصور ينسب للكائنات نفوسا أو قوى روحانية هي علة نموها و حركتها , بينما يقتصر التصور الآلي على النظر إلى حركة الأجسام انطلاقا من تأثير بعضها على بعض دون حاجة لافتراض قوى غيبية تحركها. و هو أمر يعرف لدى فلاسفة العلم المحدثين بنزع القدسية عن الطبيعة La désacralisation de la nature.

الإشكالية :

كيف يمكن تحديد ماهية الإنسان ؟ هل بالبحث في التعريفات المأثورة أم بتفكير الأنا في ذاته ؟ و فيما تتمثل ماهية الأنا : هل في الفكر أم في الجسد ؟ 

الأطـروحة :

إدراك الأنا لإنيته يتم بالعودة إلى الأنا نفسه و ليس بالملاحظة الخارجية لما يميز الإنسان عن غيره من الكائنات .

الأطروحة المستبعدة :

 طريقة النظر الأرسطية و المدرسية لماهية الإنسان .

مسار الحجاج : 

1ـ التعريف الأرسطي ( نسبة إلى أرسطو 384 ق.م ـ 322 ق.م ) المدرسي للإنسان :

2ـ اعتراض ديكارت على التعريف الأرسطي المدرسيّ :

 3ـ منهج ديكارت في البحث عن ماهية الأنا / الذات :

4ـ الفصل نهائيا بين الطبيعة الميكانيكية للجسد و النفس باعتبارها فكرا.

5ـ نسبة الأفعال إلى الأنا بما هو شيء يفكر

التحليل :

ـ التعريف الأرسطي ( نسبة إلى أرسطو 384 ق.م ـ 322 ق.م ) المدرسي للإنسان :

الإنسان حيوان ناطق zoôn logon ékhôn, 

ساد هذا التعريف للإنسان العصرين القديم و الوسيط مع أرسطو و شراحه مثل توما الإكويني الذي حاول أن يطوع الفلسفة الأرسطية لصالح المقولات السائدة في العقيدة المسيحية خلال القرون الوسطى أي إلى حدود ديكارت و تعرف هذه الفلسفة بالفلسفة المدرسية. سيعمل ديكارت منذ مؤلفه " مقالة المنهج " على تجاوز مقولات هذه الفلسفة و مبادئها المنهجية.

و لفهم التعريف الأرسطي المدرسي للإنسان لا بد من العودة إلى ما يعرف بالكليات الخمس في المنطق الصوري لدى أرسطو.

إن الكليات في المنطق الأرسطي الذي يعرف كذلك بالمنطق الصوري هي الحقائق المجردة التي لا تقع تحت حكم الحواس وتدرك بالعقل. وهي خمس، النوع كالإنسان، والجنس كالحيوان، والفصل كالنطق للإنسان، والخاصة كالضاحك للإنسان، والعامة كالماشي للإنسان أيضا.

و الكائن الحي عند أرسطو كائن ينمو وهو النبات أو كائن ينمو ويحس بالألم و اللذة وهو الحيوان و كائن ينمو و يحس و يعقل أي الإنسان . و النفس في نظره كمال أول لجسم طبيعي ذي حياة بالقوة . و لذلك يميز في هذا السياق بين نفس غاذية و نفس حاسة و نفس عاقلة أو ناطقة . فالإنسان يشترك مع الكائنات الحية الأخرى في التغذي و الإحساس و لكنه يتميز عنها بالعقل أو النطق. و النفس الناطقة تتميز بقدرتها على إدراك الكليات المجردة أي صور الموجودات دون صفاتها الحسية .

بين أن تعريف الإنسان عند أرسطو يخضع للملاحظة الخارجية للكائنات الحية التي من بينها الإنسان . وهي طريقة سيعمد ديكارت في " التأملات " و " مقالة المنهج " لتغييرها فعوض أن نبحث عن ماهية الإنسان عن طريقة الملاحظة الخارجية , يقترح ديكارت البحث عن حقيقة الإنسان عن طريق ملاحظة داخلية يعود فيها الأنا إلى طبيعته أي إلى ذاته . و هو ما جعل ديكارت يغير السؤال الميتافيزيقي عن الوجود الإنساني من سؤال : ما الإنسان ؟ و كأن حقيقته أو إنيته موضوع خارجي للفكر إلى سؤال من أنا ؟ باعتبار ماهية الإنسان توجد في الأنا من حيث هو إنسان .

يتبع في الأسفل 

2 إجابة

0 تصويتات
بواسطة (1.1مليون نقاط)
 
أفضل إجابة
الفصل نهائيا بين الطبيعة الميكانيكية للجسد و النفس باعتبارها فكرا :

 يسترجع ديكارت في هذه المرحلة من الحجاج ما مر به الأنا في رحلة الشك التي قام بها و هي رحلة تمر بمحطات أربع : محطة أولى يتم فيها التشكيك في المدركات الحسية و محطة ثانية يتم فيها التشكيك في الصور الخيالية و محطة ثالثة يتم فيها التشكيك حتي في البداهات الرياضية بافتراض إمكانية وجود قوة عليا يسميها الشيطان الماكر يمكن أن تصور لي أن البداهات الرياضية يقينية ,أما المحطة الرابعة و الأخيرة فتنتهي إلى يقين أول يصمد حتى أمام فرضية الشيطان الماكر الذي لا يستطيع أن يجعل الأنا يشك حيث اعتقد في لحظة أولى أن إنية الأنا تتمثل في الجسم بما هو تركيبة من الأعضاء " على نحو ما يبدو في جثة " أي أنه لا يتحرك من تلقاء نفسه كما كان يعتقد أن معرفته بالجسم واضحة و متميزة , أما الأفعال مثل التغذي و المشي و التفكير فا عتقد أنها تصدر عن النفس و التي تصور أنها جسمية و لكنها لطيفة كالهواء الذي يتنفسه . غير أن مثل هذه التصورات الحسية لا يمكن أن تصمد أمام الشك المنهجي , إذ لا يمكن أن أضمن أن الحواس لا تخدعنا طالما أنها تصور لنا أحيانا الوهم حقيقة , فتجعلنا نرى السراب ماء مثلا . ليس من الحكمة أن نطمئنّ لما يمكن أن يخدعنا مرة وا حدة . و هكذا فإن الإدراك الحسي رغم كونه إدراك مباشر للموضوعات و يصدر عن الأنا إلا أنه لا يضمن لي ألا أقع في الأخطاء و الأوهام . و في كل الأحوال الأنا هو الذي يحس و يتخيل و يبرهن و ينفي و يثبت و كل هذه الأفعال صادرة عن الأنا باعتباره فكرا , فالفكر هو الذي يحكم إن كنت ما أراه عن طريق العين هو ماء حقا أم سراب , و لهذا يمكن القول : إن العين لا ترى حين ترى أو بالأحرى لا تحكم عما تراه , إنما الأنا باعتباره فكرا هو الذي يحكم إن كان ما يراه حقيقة أم وهما . و هكذا يصل ديكارت إلى تمييز " طبيعة الأنا " عن الجسم باعتبار الأنا فكرا خالصا لا يتحيز بمكان مثل الجسم . إن الأجسام في علم الطبيعة الديكارتي جواهر ممتدة ( لها طول و عرض و ارتفاع) و يمكن أن ندركها عن طريق الحواس و لكنها لا تملك القدرة على الحركة في ذاتها كما كان يعتقد التصور الإحيائي الذي ينسب للأجسام قدرة على الحركة الذاتية و يسمي مبدأ الحركة هذا نفسا حيث النفس هي جسم مادي لطيف لا غير . أما ديكارت فيخلص الطبيعة ـ باعتبارها مكونة من مجموعة من الأجسام ـ مما علق بها من أرواح إحيائية مؤسسا بذلك للتصور الآلي للطبيعة و بالتالي للأجسام . هكذا يميز ديكارت بين جوهرين متميزين عن بعضهما البعض الجوهر المفكر من جهة و هو ما يمثل إنية الأنا و جوهر ممتد هو الجسم من حيث يشغل مكانا و يدرك عن طريق الحواس و لا يتحرك إلا بدافع قوة خارجية كما تعلمنا الفيزياء الديكارتية التي تنفي وجود الفراغ في الكون . إن الأجسام في الكون تتحرك بدافع قوة جسم آخر يحتل المكان أو الحيز الذي كان يشغله جسم من الأجسام .



ـ نسبة الأفعال إلى الأنا بما هو شيء يفكر :

ينتهي ديكارت إذن إلى اعتبار أن أنية الأنا تتشكل من الفكر المحض , حيث يبين في موقع آخر من التأملات أنّ الفكر و النفس و العقل يستعملها بنفس المعنى وحيث يضم معنى الفكر الإدراك الحسي و التخيل و البرهنة و الشك إذ كل هذه الأفعال تصدر عن النفس باعتبارها جوهرا مفكرا, و ليس عن الجسم. إن الإنسان مع ديكارت يكتشف نفسه من حيث هو جوهر مفكر متميز عن الجسم باعتباره جوهرا ممتدا ( يشغل خيزا من المكان ) وآلة تحركها النفس و لا تتحرك بذاتها . وهذا الأنا أفكر هو ما يعرف في تاريخ الفلسفة بـ " الكوجيتو " الذي يمثل يقينا أولا بداهة أولى تنتهي عندها رحلة الشك الجذري و المنهجيّ على عكس الشك في المدرسة الريبية الذي لا ينتهي إلى أي يقين مطلق . و رغم أن ديكارت لا ينفي أن يكون الجسم جوهرا, إلا أن الأنا لا يكتشف ذاته في البداية كجوهر ممتد بل كجوهر مفكر يمثل النقطة الأرخميدية التي سيقيم عليها صرح المعرفة معتبرا أن الميتافيزيقا التي تبحث عن المبادئ الأولى للمعرفة تمثل جذور شجرة الفلسفة و الفيزياء جذعها و أغصانها بقية العلوم وأهمها الميكانيكا و الطب و الأخلاق .

غير أن الكوجيتو باعتباره فكرا خالصا ليس مجرد مبدإ معرفي بل هو مبدأ أنطولوجي في نفس الوقت إذ أن التفكير لا يصدر عن العدم بل يصدر عن جوهر مفكر و لذلك يقول ديكارت : " و لكن أي شيء أنا إذن ؟ أنا شيء يفكر " حيث لا يمكن الفصل أبدا بين الأناأفكر و ووجود الأنا .



النقاش :

المكاسب :

ـ تغيير طريقة البحث و تجاوز الفلسفة المدرسية إعلان عن ميلاد الفلسفة الحديثة و الاكتشاف الميتافيزيقي للإنسان

ـ التصور الميكانيكي للطبيعة و الجسد الآلة تجاوز للتصور الإحيائي للطبيعة .

ـ الفصل بين الجوهر المفكر و الجوهر الممتد بين النفس و الجسد الآلة . رغم أن ديكارت سيحاول تجاوز هذا الفصل بينهما في التأمل السادس عندما يشبه علاقة النفس بالجسد بعلاقة قائد السفينة بالسفينة , فكما أن قيادة السفينة تتطلب حضور القائد داخل السفينة ,كذلك قيادة الجسد تتطلب حضور النفس فيه .غير أن كليهما يظلان جوهرين متميزين عن بعضهما البعض .

الحدود :

ـ يتمّ اكتشاف الأنا لجوهره أو لإنيته في بداية " التأملات" في ظل غياب تام لكل غيرية سواء غيرية الأنا الآخر أو غيرية العالم و حتى غيرية الإله . و لكن ديكارت سيعود بداية من التأمل الثالث إلى إعادة بناء علاقة إنية الأنا بالغيرية معتبرا أن فكرة الإله باعتباره كائنا كاملا توجد في الذات التي تدرك محدودية قدرتها و لانهائية إرادتها و أنطلاقا من ذلك تكون عودة الأنا إلى ذاته هي الطريق الى الإله مطلق القدرة و الإرادة أي الكائن الكامل . ثم إن هذا الإله نفسه هو الذي سيضمن وجود الجسد و العالم فكمال الإله هي التي تنزع عنه كل نزوع إلى الخداع و الإيهام بوجود الجسد و العالم . هذا الأمر هو الذي سيقود إلى التمييز في الديكارتية بين نظامين نظام معرفي ابستيمولوجي ينطلق من بداهة أولى هي بداهة الأنا أفكر وصولا إلى الجسد و العالم و الإله و نظام أنطولوجي ينطلق من وجود الإله الكائن الكامل وصولا إلى الذات و الجسد و العالم .



الخلاصة :

تمثل الفلسفة الديكارتية فلسفة مركزية الذات Egocentrisme حيث يدرك الأنا أفكرذاته بالعودة إلى ذاته و ليس بالتموضع في الغيرية كما ستفعل الفلسفة الهيغلية لاحقا . و قد مثل هذا الأمر استعادة لدور الإنسان في الكون بعد أن عصفت الثورة الكوبرنيكية بمركزية الأرض (و بالتالي بمركزية الإنسان في الكون باعتباره يوجد في مركز الكون .) . فهل يمكن أن نؤسس لإمكانية تجاوز الذات لعزلتها الأنطولوجية أم أنها ستظل معزولة عن غيرها من الذوات و عن العالم ؟



تم استكما ل الدرس الثالث
0 تصويتات
بواسطة (1.1مليون نقاط)
ـ اعتراض ديكارت على التعريف الأرسطي المدرسيّ :



إن اعتراض ديكارت على التعريف المدرسي للإنسان هو اعتراض على طريقة بحث الإنسان عن ماهيته . ذلك أن تعريف الإنسان بكونه حيوان ناطق عوض أن يحفزنا على النظر في ذواتنا يحيلنا إلى البحث عن تعريفات أو معارف خارج ذواتنا هي نفسها تحتاج إلى تعريف و بالتالي عوض أن نسلك الطريق الأبسط نزيد الأمر تعقيدا . و واضح أن ديكارت الرياضيّ يبحث مثل الرياضيين على البساطة في البرهنة عوض استخدام المنطق المدرسي الذي لا يضيف شيئا للمعرفة في نظره بل يفلح فقط في تعقيد الأمور عوض أن يبسطها . حيث عوض أن يحدد ماهية الإنسان بطريقة حدسية مباشرة التي تعرف عنده بقاعدة البداهة أي فكرة واضحة بذاتها لا تحتاج للبرهنة و لكن نستعملها في البرهنة( مثل قولنا الكل أكبر من الأجزاء ) تقول هذه القاعدة “لا أقبل شيئًا على أنه حق، ما لم أعرف بوضوح أنه كذلك، أي يجب أن أتجنب التسرع وألا أتشبث بالأحكام السابقة، وألا أدخل في أحكامي إلا ما يتمثل لعقلي في وضوح وتميز يزول معهما كل شك”. و هي القاعدة المنهجية الأولى في المنهج الديكارتي الذي يضم قواعدة ثلاث أخرى إلى جانب قاعدة البداهة وهي على الترتيب قاعدة التحليل التي تقول : أقسم كل واحدة من المشكلات التي أبحثها إلى أجزاء كثيرة بقدر المستطاع، وبمقدار ما يبدو ضروريًا لحلها على أحسن الوجوه”. و قاعدة التركيب أو التأليف التي تقول : “أن أرتب أفكاري، فأبدأ بالأمور الأكثر بساطة وأيسرها معرفة، حتى أصل شيئا فشيئًا، أو بالتدريج، إلى معرفة أكثرها تعقيدًا، مفترضا ترتيبًا، حتى لو كان خياليًا، بين الأمور التي لا يسبق بعضها بعضًا”. و أخيرا قاعدة التحقق التي تقول : “أن أعمل في جميع الأحوال من الاحصاءات الكاملة والمراجعات الشاملة ما يجعلني على ثقة من أنني لم أغفل شيئًا”. . وهكذا فإن التعريف الأرسطي ـ المدرسي في نظر ديكارت يعمد إلى تحديد ماهية الإنسان بمقولات هي نفسها تحتاج إلى تعريف و إذن هو تعريف لا يحترم قاعدة البداهة.

إن تغيير الطريقة أو المنهج الذي يقترحه ديكارت ذو أهمية عظيمة في تاريخ الفلسفة و المعرفة عموما و هو الأمر الذي نلحظه في قواعد المنهج الأربع التي يقترحها في كتابه " مقالة الطريقة " الذي يعلن عن نهاية الاعتماد على الأورغانون الأرسطي المدرسي ذو القواعد الكثيرة و المعقدة باتجاه فاتحة عصر جديد يعتمد على قواعد منهجية كونية بسيطة .لذلك يمكن القول إن " مقالة المنهج " هي أورغانون جديد ذو طبيعة رياضية وهو فاتحة منهجية لعصر جديد قد تخلص من منهج الفلسفة المدرسية السائدة حينئذ القائم على المنطق الصوريّ حيث يتم تعريف الموجودات باعتبارها نوعا ( الإنسان مثلا ) ينتمي لجنس ( الحيوان ) و فصل ( الناطق/ العاقل) . فكيف وظف ديكارت منهجه الجديد في تحديد ماهية الإنسان ؟

ـ منهج ديكارت في البحث عن ماهية الأنا / الذات :

إذا أراد الأنا أن يدرك إنيته أي ما يشكل جوهر وجوده , عليه أن يقطع نهائيا مع الأفكار المسبقة التي تكونت لديه دون أن يملك الحجة و البرهان على صحتها و في هذه الحالة أن يكف عن ترديد ما يقوله السابقون في تعريفهم للإنسان لأن هذه التعريفات ليست واضحة بذاتها أي تتناقض مع القاعدة الأولى من قواعد المنهج التي عرضنا لها في المرحلة السابقة. السؤال إذن يتعلق بكيفية إدراك الإنسان لذاته إدراكا مباشرا أي بطريقة حدسية خالصة . إن الأنا الساعي لإدراك إنيته يرفض تماما أن يرى ذاته بعين أخرى غير عين عقله أو فكره الخاص , لهذا " يؤثر أن ينظر في الخواطر التي تولدت في ذهنه والتي لم يستمدها إلا من طبيعته وحدها " , إن الديكارتية بهذا المعنى لا تجعل الأنا يثق في غير ذاته . الأنا هو الطريق و الغاية أما الغير فوسيط لا أحتاجه في طريقي إلى إنيتي . و لهذا يتوسل ديكارت منهج الشك الذي لا يقف عند حد رغم أنه ليس شكا ريبيا ينتهي إلى اليأس من الحقيقة . بالشكّ وحده يتمكن الأنا من إزاحة الوسائط التي تحجب الأنا عن الأنا و تجعله يتيه في ظلمات الأفكار المسبقة و الموروثة .

 إن الديكارتية بهذا المعنى تمثل ثورة الأنا الذي يراد له أن يسجن في أغلال الآراء السائدة و الموروثة. و سيلتها الفتاكة هي الشك , فبالشك يفتك ديكارت فتكا بما هو سائد و بموروث ثقيل الحمل يريد أن يلغي لقاء الأنا بذاته لعله أن يكون لقاء نرجسيا بالذات و لكن على خلاف ما تنقله الأسطورة التي لم ينتهي فيها نرسيس إلى الإمساك بإنيته, ينتهي الأنا الديكارتي إلى معانقة إنيته في صفاء مطلق هو صفاء الحدس العقليّ .



ـ

اسئلة متعلقة

0 تصويتات
1 إجابة
مرحبًا بكم إلى موقع النابض دوت كوم ، حيث يمكنك طرح الأسئلة وانتظار الإجابة عليها من المستخدمين الآخرين.
...