ملخص المنظور الاجتماعي والمنظور النفسي لرواية اللص والكلاب
الإجابة هي الموضوع
تلخيص المنظور الاجتماعي والمنظور النفسي لرواية اللص والكلاب
المنظور الاجتماعي والمنظور النفسي لرواية اللص والكلاب
- أ - المنظور الاجتماعي:
اشتهر نجيب محفوظ في مجمل رواياته، بتصوير الواقع المصري الاجتماعي تصويرا تظهر من خلاله الصورة الحقيقية للبنية الاجتماعية المصرية، كما تبدو من خلاله معاناة الإنسان المصري الاجتماعية، فما هي طبيعة المجتمع الذي تتحدث عنه رواية اللص والكلاب؟
تصور رواية اللص والكلاب واقعيا اجتماعيا متناقضا أفرزته التحولات السياسية في خمسينيات القرن20 تختصره فئتان، فئة الأغنياء التي يمثلها رؤوف علوان والتي تمتلك كل شيء، وفئة الفقراء التي يمثلها سعيد مهران والتي تفتقر لأبسط متطلبات العيش الكريم، وهو تناقض اجتماعي سيؤدي إلى ظهور أمراض اجتماعية خطيرة، كالسرقة التي اعتبرها سعيد مهران وسيلة لإعادة حق الفقراء، فمن السارق ومن المسروق؟، والمتاجرة في المخدرات والذي يمارس ذلك هو المعلم طرزان، ناهيك عن الدعارة التي تمارسها نور، ولا تتوقف تداعيات هذا التناقض في ظهور أمراض اجتماعية فقط، بل في ممارسات أخرى أكتر تعقيدا كالخيانة والنفاق والانتهازية التي ذهب ضحيتها سعيد مهران.
هكذا يبدو واضحا أن رواية اللص والكلاب رواية نقدية تنتقد وبشدة الواقع الاجتماعي الذي أفرزته الثورة والذي عمق من معاناة الطبقة الفقيرة وزاد من همومها إلى درجة أن أسرا كثيرة قد تفككت علاقاتها نتيجة الفقر والحاجة، واضطرت إلى بيع شرفها ومبادئها أو النضال من أجل تحققها إلى آخر أنفاس الحياة، فمن يتحمل مسؤولية هذا الواقع الجديد؟
---------
المنظور (البعد) النفسي في رواية اللص والكلاب.
يتجلى البعد النفسي لرواية " اللص والكلاب " في إدراك ما تخفيه شخصياتها من مشاعر وأحاسيس وعواطف متوترة، نستنتج منها عمق الأزمة النفسية التي كان يعاني منها المجتمع المصري خاصة والعربي عامة في خمسينيات وستينيات القرن العشرين، وبذلك مؤلف اللص والكلاب بهذا المعنى رواية واقعية نقدية رمزية تكشف عن الحالة النفسية للمجتمع الذي تحدثت عنه من خلال التعمق في شخصية سعيد مهران الذي تعرض لخيانات اجتماعية وسياسية خلقت منه نموذجا بشريا دائم القلق والحيرة.
وفي ما يلي رصد لأبعاد المنظور النفسي في رواية اللص والكلاب:
أ ـ الحقل العاطفي: إذا ركزنا على شخصية سعيد مهران، باعتباره بطل الرواية، سنجد أن الكاتب نجيب محفوظ قد جعله يعيش في فضاء هامشي، ويعاني القهر والحرمان والفقر، فهو يبدو في الرواية إنسانا مفعما بالعواطف المتوترة سواء إزاء الذين خانوه، أو إزاء الزمن في أبعاده الثلاثة: الماضي، والحاضر، والمستقبل. من هذا المنطلق حاول الروائي أن يقربنا من نفسيته وذلك بالتركيز على تقنيتي: الاسترجاع، والاستباق؛ استرجاع طفولته ومراهقته وشبابه وعلاقته بأسرته (والده ووالدته) وأصدقائه خاصة رؤوف علوان ومساعده عليش ونور وطرزان، وكذلك الشيخ علي الجنيدي صديق والده.
ب ـ العلاقات العاطفية: تحضر في الرواية مجموعة من العلاقات العاطفية نذكر منها:
ـ علاقة توتر وكراهية: وتجمع بين سعيد مهران ونبوية وعليش ورؤوف علوان، فهو يكرهم لأنهم خانوه بأشكال مختلفة، ويسعى للانتقام منهم من أجل إعطاء معنى لحياته وحياة الفقراء الذين يمثلهم.
ـ علاقة حب: وتجمع بين سعيد وابنته سناء من جهة، وبينه وبين نور من جهة أخرى.
ـ علاقة روحية: وتجمع بين سعيد والشيخ علي الجنيدي المتصوف صديق والده، لكن هذه العلاقة ليس لها تأثير على الشخصية المركزية، فكلاهما له مذهبه في الحياة، ورؤيته الخاصة لها.
ـ علاقة التواصل: وهي تعكس حنين سعيد مهران إلى الفضاءات التي ارتبط بها بقوة كارتباطه بطرزان وبمقهاه، لذلك فهو يرتاده في ظروف الحصار، باحثا عن احتياجاته الأساسية: السلاح، والطعام، والأخبار المتعلقة بالخونة.
جـ ـ الموضوعات السيكولوجية: تحضر في الرواية مجموعة من الموضوعات ( التيمات ) السيكولوجية منها:
ـ موضوعة الخيانة: وهي ثيمة مركزية في الرواية، يعاني منها سعيد، ويرفضها، فحقيقة الحياة عنده تكمن في حفاظ المرء على شرفه، وصونه لكرامته وقيمه النبيلة، وإذا كانت الحياة ملطخة بهؤلاء الخونة فيجب عليه أن يخلص البشرية من أذاهم, فهو يعتبر نفسه رمزا للبسطاء الذين تعرضوا للخيانة مثله، لكنهم لا يمتلكون القدرة على المقاومة ورفع التحدي.
ـ موضوعة الظلم: نصادفها منذ افتتاحية الرواية عند خروجه من السجن: " وفي انتظاره وجد بذلته الزرقاء، وحذاءه المطاط، وسواهما لم يجد في انتظاره أحدا … ولا شفة تفتر عن ابتسامة… وهو واحد خسر الكثير، حتى الأعوام الغالية خسر منها أربعة غدرا، وسيقف عما قريب أمام الجميع متحديا" [ص: 7]. ويعاني من الظلم كذلك: "نور" فهي لا تتمنى سوى نومة مطمئنة وجلسة وديعة، وعندما يتعذر عليها ذلك تتساءل عما إذا كان ذلك متعذرا على الله سبحانه وتعالى.. وهي قمة الأزمة الوجودية التي تخنق أنفاسها.
ـ موضوعة الحب: وهي لا تقل أهمية عن سابقتيها من حيث الدور الذي تقوم به في تحريك أحداث الرواية. فالحب الذي كان يربط سعيد بزوجته نبوية، هو الذي أشعل شعور الخيانة وزاد من حدتها، وكذلك حبه لابنته سناء التي لم تتعرف عليه، وتلك قمة الغربة التي عانى منها، ومع ذلك فهذه الثيمة نشاهدها في العلاقة الرابطة بين سعيد ونور، فهو وإن لم يفصح بذلك أثناء إقامته بشقتها عند محاصرته، فإنه أعلن ذلك عندما غادرت نور شقتها، وأدرك مقدار الفراغ الذي أحسه نتيجة غيابها، فأيقن أنه يحبها [ص:123].
ـ موضوعة الغربة: يكابد مرارتها سعيد، يشعر بأنه وحيد في هذا العالم، وتقاسمه نور هذا الشعور، فهما يشعران بالضياع، وعبثية العالم.
الموقف من الوجود: إن المعارف التي تحضر في الرواية إما على لسان السارد أو الشخصية تساعدنا على فهم أزمة سعيد، فهي ليست جنونا كما يدعي أعداؤه، وإنما هي نتاج التحولات الاجتماعية التي عرفها المجتمع المصري في النصف الثاني من القرن العشرين، وهي تحولات تنكرت لكل ما هو جميل واستبدلته بالخيانة والانتهازية والوصولية؛ لذلك فسعيد مهران يشعر وجوديا بالغربة في هذا المجتمع، وأن الحياة الجميلة فيه لن تتأتى إلا باقتلاع الخونة من جذورهم.
د ـ الدلالة والأبعاد النفسية للنص: عندما نقوم بتجميع هذه العناصر النفسية المتعددة التي تحضر بقوة في النص من خلال ملفوظات الشخصيات ومواقفها وممارساتها، يتبن أن نجيب محفوظ سعى من خلال التركيز على نفسية البطل أن يستجلي التحولات الصعبة التي يعيشها المجتمع المصري، ويلفت الانتباه إلى أثرها في نفسية الفرد، خاصة الفقراء والضعفاء والبسطاء، ولأن سعيدا مثقف فإنه لم يتخلَّ عن الكتاب، وهو واثق من صحة مذهبه الذي تشرب مبادئه من صديقه الخائن رؤوف علوان، وبذلك جسد الروائي إحساس سعيد مهران بالخيبة ونزوعه إلى التمرد على المجتمع الذي لم يبال بأزمته، وقد نجح سعيد مهران في جعل أزمته في الواجهة رغم فشله في الانتقام من أعدائه.