0 تصويتات
في تصنيف مناهج دراسية بواسطة (1.1مليون نقاط)

ملخص تحضير درس الحرية والمسؤولية سنة الثانية اداب وفلسفة والثالثة علوم تجريبية الثالثة رياضيات

ملخص درس الحرية والمسؤولية

أقوال الفلاسفة عن الحرية والمسؤولية

تحضير الحرية والمسؤولية

موقع النابض دوت كوم يسرنا بزيارتكم أن نقدم لكم من كتاب مادة الفلسفة للسنة الثانية بكالوريا تحضير وتحليل وملخصات النصوص والدروس كما نقدم لكم الأن أعزائي الطلاب والطالبات ما يأتي..ملخص تحضير درس الحرية والمسؤولية سنة الثانية اداب وفلسفة والثالثة علوم تجريبية الثالثة رياضيات 

الإجابة هي 

درس الحرية والمسؤولية خاص باقسام الثانية اداب وفلسفة"،والثالثة علوم تجريبية، الثالثة رياضيات، انجاز مجموعة من الاساتذة الاكفاء

الحرية والمسؤولية

                            

 طرح المشكل:

أيهما يعتبر مبدأ للأخر، الحرية أم المسؤولية ؟ هل المسؤولية مرتبطة في وجودها بتوفر عنصر الحرية؟ وهل يمكن وجود حرية بغض النظر عن المسؤولية؟ كيف يمكن اختزال المشكلة في الشرط لا في المشروط؟ وكيف يمكن رد حقيقة المشكلة إلى المشروط لا إلى الشرط؟ ألا يتمثل مصدرُ المشكلة وحلُّها في عظمة الإنسان ؟

1 ـ عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مثل القائم في حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا ـ اقترعوا ـ على سفينة فصار بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، وكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم، فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقاً ولم نؤذ من فوقنا فإذا تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعاً ، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعاً) رواه البخاري إن ركاب هذه سفينة عليهم ألا يسمحوا لأحدهم أن يحدث ضررا في السفينة ، لأنه لو حدث ذلك ستغرق السفينة بمن عليها بدعوى حرية التصرف . ومنه يمكن القول إن الحرية الشخصية يجب أن تكون مقيدة بقيود لحماية المجتمع. فما هي الحرية وما علاقتها بالمسؤولية الحرية بين الإثبات والنفي

إثبات وجود الحرية:

حرية الإنسان عند من يؤمن بوجودها تتحقق عندما يقوم الفرد بأفعاله دون أن يكون واقعا تحت أي ضغط أو إكراه خارجي أو داخلي وهذا ما نجده عند أفلاطون والمعتزلة وديكارت وكانط وسارتر. فما هي أدلة إثبات وجود الحرية عن هؤلاء؟ 

أفلاطون : 

يعتقد أفلاطون أن الإنسان حر ، وأنه هو الذي اختار أن يكون حرا ، إلا أن الإنسان حسب أفلاطون، عندما نزل من عالم المثل نسي أمر اختياره ، وأصبح يتذمر من مصيره وما يحدث له ، على أساس انه لا دخل له فيما يحدث له . ويوضح هذا الموقف بأسطورة الجندي (آر) الذي عاد إلى الحياة بعد الموت ، وكيف اخذ يروي ما شاهده في العالم الأخر ، حيث شاهد الناس وهم يختارون مصيرهم قبل مجيئهم إلى الأرض ، لكن لا يلبثون أن ينسوا أمر اختيارهم عند مجيئهم إلى هذا العالم 

المعتزلة : 

المعتزلة فرقة إسلامية كلامية مؤسسها واصل بن عطاء الغزال توفي سنة 131 هـ / 748 م. ترى هذه الفرقة أن الإنسان حر في سلوكه ، وانه خالق لأفعاله ، وأن تصرفاته ناتجة عن إرادته الحرة واختياره الحر ، معتمدين على حجة نفسية مفادها أننا نشعر بحريتنا ، عندما ندرك أن الفعل صدر عنا ، وهو شعور يمكن التأكد منه متى أراد الإنسان ذلك . وأورد الشهرستاني (توفي 548 هـ/ 1153 م ) كلام نسبه للمعتزلة ، جاء فيه " الإنسان يحس من نفسه وقوع الفعل على حسب الدواعي والصوارف ، فإذا أراد الحركة تحرك وإذا أراد السكون سكن ، ومن أنكر ذلك جحد الضرورة ، فلولا صلاحية القدرة الحادثة لإيجاد ما أراد ، لما أحس من نفسه ذلك " فوجود الدواعي والصوارف ، يوجد العزم الذي هو شرط أساسي للفعل الاختياري ، لأن الإرادة ليست سوى ميل النفس إلى الفعل . 

أما أدلتهم على ثبوت الحرية ، فهي أولا كوننا نخاطب بعضنا البعض بأوامر ونواهي، وهذا يعني أننا مقتنعون بحرية المخاطب ، وإلا لا معنى لمخاطبته . والثاني نشأ من موقفنا من أفعال غيرنا فبعضها تغضبنا وبعضها تفرحنا ، ولو لم تكن هذه الأفعال ناتجة عن حرية ، لما أحدثت فينا الشعور بالفرح أو الغضب . والدليل الثالث أخذ من الجزاء ، فالجزاء يدور حول الأفعال الإرادية ، وليس الأفعال اللاإرادية لأن هذه الأخيرة بعيدة عن التصرف الحر .

كما انه من الضروري التأكيد على وجود الحرية حتى تصبح أوامر الشرع ونواهيه لها معنى . ثم أن تكاليفه في العبادات والمعاملات تتطلب حرية الإنسان أيضا . والحرية يبررها أيضا الوعد والوعيد الصادر عن الله ، والحساب والعقاب ، وإرسال الرسل الذين بينوا لنا طريق الخير وطريق الشر وعلينا أن نختار ، ولو كنا مجبرين على اتخاذ طريق ما ، فما هو دور الرسل ؟ والتكليف هو افعل ولا تفعل، فإن كان الفعل لا يمكن ان يصدر من الشخص ومع هذا يكلف ، يكون المكلِّف سفيها. 

هذا بالإضافة إلى وجود الكثير من الآيات في القرآن ، التي تشير إلى حرية الإنسان صراحة مثل { من عمل صالحا فلنفسه ، ومن أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد } فصلت 46 و{ فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر } الكهف 29 . ان المعتزلة بهذا تكون قد تجاهلت كل ما يمكن أن يقف في وجه الإنسان من موانع وتجاوزت كل الحتميات فكانت الحرية عندهم مطلقة 

ديكارت 

اثبت الفيلسوف الفرنسي رينه ديكارت (1596ـ 1650 ) حرية الإنسان انطلاقا من التجربة النفسية ، فدليل وجودها عنده هو الشعور بها ، ويعتبر وجودها عنده من أكثر الأمور وضوحا وبداهة ، يقول : " فالواقع أن تجارب وجداني تشهد بأن لي إرادة صافية لا تحصرها حدود أو تحبسها قيود " إلا أن ديكارت لا يعني بالحرية ، حرية اللامبالاة أو حرية الاستواء ، وهي الحالة التي تكون عليها الإرادة مترددة ، فلا تُقبل و لا تُدبر. بل الحرية عنده تتطلب الموازنة والمفاضلة وبعده ، يأتي الاختيار ( بناء على مبررات ذاتية ) يقول ديكارت : "إن حريتي لا تقتضي أن أكون غير مبال أي يستوي عندي الضدان بلا رجحان ، بل الأولى أن يقال إن حريتي في اختيار احد الطرفين وإثاره على الآخر تزيد بمقدار ما يكون عندي من الميل إليه " ويضيف ديكارت قائلا " إن حرية إرادتنا يمكن التعرف عليها بدون أدلة وذلك بالتجربة وحدها التي لدينا عنها ". وفي هذا الاتجاه يقول بوسويه ( مفكر ولاهوتي وواعظ فرنسي ولد في 1627 ومات في باريس في 1704 ) كلما ابحث في نفسي عن القوة التي تقيدني كلما اشعر انه ليست لي قوة غير إرادتي ومن هنا اشعر شعورا واضحا بحريتي " 

كانط 

يرى الفيلسوف الألماني ايمانويل كانط ( 1724 ـ 1804 ) أن الحرية هي أساس الأخلاق وانعدامها يعني انعدام الأخلاق ، وبالتالي تزول المسؤوليات . خاصة في مستوى العقل العملي الذي نتعامل به في حياتنا اليومية 

برغسون

الحرية عنده معطى مباشر للشعور يقول برغسون : (1859 ـ 1941 ) : " إن الفعل الحر ليس فعلا ناتجا عن التروي والتبصر ، إنه ذلك الفعل الذي يتفجر من أعماق النفس ". إن الفعل الحر عنده يصدر عن النفس كلها . والأحوال النفسية نشاط وتيار نفسي متجدد ، فهي لا تقبل التجزئة، ولا تقبل التكرار وبالتالي لا يمكن التنبؤ بها. فأفعال الإنسان حرة ، إنها ديمومة متجددة ومتدفقة، وحيوية لا تخضع للحتمية مطلقا والى مثل هذا ذهب كل من مين دي بيران ، و وليام جيمس ، فالحرية عند هذا الأخير هي قوة فاعلة نشعر بها ،

سارتر :

ودافع عن حرية الإنسان بشدة جون بول سارتر ( 1905 ـ 1980 ) . فقال : " إن الإنسان لا يوجد أولا ليكون بعد ذلك حرا ، وإنما ليس ثمة فرق بين وجود الإنسان ووجوده حرا " و" إنه كائن أولا ، ثم يصير بعد ذلك هذا أو ذاك " . وبالتالي الإنسان مضطر إلى الاختيار بمعنى انه حر ولا يمكن تصور الإنسان بمعزل عن الحرية .

تابع قراءة في الأسفل 

3 إجابة

0 تصويتات
بواسطة (1.1مليون نقاط)
 
أفضل إجابة
الحرية والمسؤولية

مناقشة رأي أنصار الحرية"النقد"

إذا كان المقصود من وجود الحرية عند أنصارها مقترن باستبعاد كل إكراه داخلي أو خارجي عن أي من الأفعال التي نقوم بها ، فليس من المبالغة في شيء إذا وصف هذا التصور للحرية بالتصور الميتافزيقي الذي لا يصف لنا الحرية في لتعامل اليومي ، ذلك لان أفعال الإنسان لها أسبابها الظاهرة كما لها أسباب يجهلها الفاعل ، كما أن اغلب الأدلة المقدمة هي أدلة نفسية ، تطلب منا العودة إلى داخل أنفسنا وتأمل الفعل الصادر عنا ، فتشعر عندئذ انك تقف أو تجلس بكل حرية ، وتلتفت يمينا أو يسارا بكل حرية، لكن هذا مجرد شعور وهو غير كافي لإثبات وجود الحرية لأنه قد يكون شعورا مخادعا . وهذا النقد نجده خاصة عند ليبنتز عندما قال : "ولهذا ضعفت الحجة التي قدمها السيد ديكارت لإثبات استقلال أعمالنا الحرة بواسطة شعور قوي داخلي مزعوم ، إننا لا نستطيع أن نحس بالضبط استقلالنا ونحن لا نشعر دائما بالأسباب التي غالبا ما يمتنع إدراكها " ونفس النقد نجده عند الفيلسوف الفرنسي لاشولي ( 1822 ـ 1919) الذي أنكر القول بالحرية المطلقة أو حرية الاستواء ، يقول : " انه لا يمكن ملاحظتها ـ الحرية ـ كحالة شعورية ...إنها بالتالي كاذبة في نظر علم النفس ، فالفعل الحر المحض يكون بموجب ذلك فعلا مستقلا عن كل كيفية نظرية أو مكتسبة في التفكير والإحساس فيكون ذلك إذن أجنبيا عن كل ما يكون طبعنا الشخصي فلا يكون لدينا ما يوجب نسبته ألينا وما يحملنا على الاعتقاد بأننا مسؤولون عنه ." أما الأدلة الشرعية التي وظفتها المعتزلة وتكون قد أخذتها من القرآن، فيمكن الرد عليها بآيات أخرى من القران تؤكد على الطابع الجبري للإنسان وخضوعه التام للقضاء والقدر. ويلاحظ أن برغسون أهمل تماما الدوافع المسؤولة عما نقوم به من أفعال .

نفي وجود الحرية

القول بان الإنسان حر يعترضه عائقان ، الأول الإيمان بالجبرية والثاني هو الإيمان بالحتمية . وفي الفلسفة اليونانية نلتقي مع أنصار الجبر ممثلين في المدرسة الرواقية فكيف رفضت القول بحرية الانسان؟  

الرواقية

مؤسس الرواقية هو زينون الكيتومي فيلسوف من أصل فينيقي كتب باليونانية مؤسس المدرسة الرواقية ولد في كيتوم في قبرص نحو عام 336 ق م ، ومات في أثينا نحو 264 ق م . والرواقية كلمة مشتقة من الرواق وهو بهو ذو أعمدة كان زينون يعلم فيه في أثينا ، وطور هذه المدرسة فيما بعد شيشرون مرقس توليوس كاتب وخطيب وفيلسوف لاتيني ولد في 106 ق م ، ومات سنة 64 ق م . وسنيكا، ومارك اوريل .

يميز الرواقيون بين عالمين ، عالم داخلي قوامه الحرية ، والتي يستطيع بمقتضاها الإنسان اتخاذ القرارات الخاصة بما له من فضيلة ورذيلة وعالم خارجي قوامه الضرورة ، لا قدرة للإنسان على التأثير فيه ، لأن جميع ما في الكون دقيق التركيب وأن الظاهرات الطبيعية تسير وفق قوانين عجيبة ، ويقولون أن نار إلهية هائلة ستلتهم العالم في نهاية السنة الكبرى وتعادل عندهم 18000 سنة ، ثم تعمل على تكوين عالم جديد يعرف نفس الأحداث التي شهدها العالم السابق .

وحاولوا التوفيق بين الحرية والضرورة ، فوصلوا إلى القول بأن الإنسان يكون حر الإرادة لكن في طريق حدده له القدر . ومنه إذا أراد أن يكون الإنسان حرا ، فعليه أن يتقبل كل ما يحدث له من خير وشر، لأنها أمور حتمية ، وما على الإنسان إلا أن يعيش على وفاق مع الطبيعة ولا يبالي بمباهج الحياة ، ولتحقيق عليه العمل بهذه الحكمة " إن كانت السعادة هي أن تصنع ما تريد ، فعليك أن لا تريد إلا ما تستطيع فعله " لكن إذا كانت الحرية هي مسايرة الضرورة فلا معنى لها بل تحل مكانها فكرة الجبر .

الجهمية

الجهمية فرقة إسلامية كلامية ، أسسها جهم بن صفوان الراسبي السمرقندي المتوفي سنة 128هـ / 745 م . تنفي هذه الفرقة حرية الإنسان ، وترى أن لا فعل لأحد إلا الله وحده ، فهو الفاعل ، وإنما تنسب الأفعال إلى الإنسان مجازا . ويستندون في ذلك إلى آيات من القرآن مثل قوله تعالى " والله خلقكم وما تعملون " الصفات 96 وقوله "وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين " الانفطار 29 . فاعتقدوا أن القول بأن الإنسان هو الذي يختار أفعاله عن حرية ، وبعيدا عن مشيئة الله ، يعتبر كفر وشرك، لأننا في هذه الحالة حسب اعتقادهم نكون أمام قادرين ، الله والعبد ، وهذا شرك .

لهذا رفضوا القول بحرية الإنسان ، بل ذهبوا ابعد من ذلك ، فنجدهم لا يفرقون بين القول ، أثمرت الشجرة وتحرك الحجر ، وطلعت الشمس ، وقام الرجل . ففي كل هذه الحالات ، الله هو الذي قام بالفعل .

لايبنتز

يرى الفيلسوف الألماني غوتفريد فلهلم لايبنتز ( 1646 ـ 1716) أن أفعال الإنسان خاضعة لضرورة مطلقة مثلها مثل الظواهر الطبيعية ، والإنسان مبرمج ليقوم بأفعال معينة بحيث لا يختلف في ذلك عن الساعة ، فعقاربها تتحرك وفق ما سطره مخترعها . لذلك يعتقد بوجود سبب غالب يحمل الإرادة على اختيارها . أما القول بحرية الإنسان عند البعض فيرده إلى الشعور فقط ، فإبرة المغناطيس عنده لو كانت تشعر مثل الإنسان ، لظنت أنها مختارة في اتجاه الشمال الذي تفضله . ومنه لا مجال للقول بوجود الحرية .

سبينوزا

أفعال الإنسان سبينوزا (1632 ـ 1677 ) مجرد ظواهر آلية تسير وفق قوانين ضرورية وثابتة يقول : " يظن الناس أنهم أحرارا ، لأنهم يدركون رغباتهم ومشيئاتهم ولكنهم يجهلون الأسباب التي تسوقهم إلى أن يرغبوا أو يشتهوا " و يرى أن الشعور بالحرية لا يكفي لإثباتها ، لأنه لو كان للحجر شعور مثل الذي للإنسان ، سيظن انه حر في حركته ، جاهلا انه قُذف به من طرف قوة خارجة عنه ، هكذا الإنسان انه مقذوف به في هذا الكون .

إن هذه الآراء رغم اختلاف المرجعية المذهبية والثقافية لأصحابها ، إلا أنها تجزم بنفي وجود حرية الإنسان ، وانه مجبر في أفعاله ، ولا مجال أمامه للاختيار ، وهذه الآراء تدعمت بجهود بذلها الحتميون .
0 تصويتات
بواسطة (1.1مليون نقاط)
الحتمية ونفي الحرية

الحتمية هي الاعتقاد بأن جميع حوادث الطبيعة بما فيها الإنسان خاضعة لقوانين ، ويعبر عنها بـ : كلما توفرت نفس الشروط ستؤدي إلى نفس النتائج . ومعرفة شروط الأفعال مسبقا يتيح فرصة التنبؤ بنتائجها . فإذا كان الحجر تتحكم في سقوطه قوانين الجاذبية ، فالأمر نفسه ونفس بالنسبة للإنسان ، إلا أن الإنسان متعدد الجوانب فقط ، وهذا ما دفع العلماء إلى الكشف عن حتميات تتحكم في الإنسان بدل حتمية واحدة .

1 ـ الحتمية البيولوجية

لا يستطيع الإنسان أن يتجاوز الحتميات البيولوجية مثل التنفس والتغذية ، وإن فعل سيعرض حياته للخطر بل من العلماء من يرى أن شخصية الإنسان ظاهرة بيولوجية تتحكم فيها الوراثة ، وكل هذا يُفقده حريته ، ويؤكد وقوعه تحت رحمة حتميات بيولوجية طبيعة متعددة .

2 ـ الحتمية النفسية

أفعال الإنسان معلولة بأسباب سابقة ، وهذه الأفعال نفسها ستكون علل لما يلحقها ، ومنه لسنا أحرار في تصرفاتنا ، وما تصرفاتنا إلا مجرد ردود أفعال آلية . هذا ما تنادي به المدرسة السلوكية وتحديدا واطسون (1878 ـ 1958)أما مدرسة التحليل النفسي وعلى رأسها فرويد ، فإنها ترى بدورها أننا لسنا أحرارا في ما نقوم به من أفعال . لان أسبابها الحقيقية موجودة في اللاوعي ، وجهلنا به هو الذي يجعلنا نعتقد أننا أحرار .

3 ـ الحتمية الاجتماعية

ذهب علماء الاجتماع إلى نفي الحرية الفردية ، على أساس أن الإنسان خاضع للضمير الجمعي كما هو الحال عند إميل دور كايم ( 1858 ـ 1917) فهو القائل : "إذا تكلم الضمير فينا فإن المجتمع هو الذي يتكلم " وبالتالي كل مبادرة منك ، هي في الحقيقة تعبير عن إرادة المجتمع ، ومنه تعتبر ناتجة عن حتمية اجتماعية . والى هذا ذهب الفيلسوف الفرنسي اوغست كونت (1798 ـ 1857 ).

وما نخلص إليه أن جميع هذه الحتميات المحيطة بالإنسان والمتعلقة بكل جوانبه تفرض عليه سلوكاته وتجرده من كل حرية .

مناقشة مواقف منكري الحرية

القول بنفي الحرية واعتبار الإنسان كغيره من الكائنات مجبر على القيام بكل أفعاله، لا ينسجم مع ما يمتلكه من قدرات عقلية تتيح له إمكانية الاختيار . وبالنسبة للجهمية ومن سار على نهجها ، فإنهم يقفون عاجزين عن الإجابة على الأسئلة المتعلقة بالحساب والعقاب في اليوم الآخر ، لأنه يفترض أن يحاسب ويعاقب من كان وراء هذه الأفعال ، وبالتالي يكون الإنسان خارج دائرة المساءلة إذا كان غير مختار فيما صدر عنه من أفعال ، وهذا لا يستقيم مع العدالة الإلهية.

وفي ما يخص الحتميات ، فإنه إذا كانت الحتميات البيولوجية والطبيعية واقع لا مفر منه ، نتساءل بدورنا ألا يمكن أن يتعامل الإنسان معها فيكشف أسرارها ، وعند ذلك يتحرر منها . أما علماء النفس عندما يتكلمون عن حتميات نفسية لا فكاك منها فإنهم بذلك ينفون دور العقل والذكاء .

وبالنسبة لعلماء الاجتماع فإن التطورات التي مست المجتمعات على مختلف الأصعدة، لدليل على التغير الذي من ورائه تكمن الحرية . ثم أن الاستسلام لهذه الحتميات والتحجج بها ما هو إلا تهرب من المسؤولية عما نقوم به أو لا نقوم به .

ويرد كارل ياسبيرس (1883 ـ 1969) على الذين ينفون الحرية على أساس وجود الحتميات والقوانين فيقول : " إن القانون ليس إلا تعبيرا عن ضرورة معايير الفعل تلك المعايير التي يمكن أن أسير عليها أو لا أسير عليها ، ولكنني أحيل الضرورة القانونية إلى حرية وذلك بان أشعر بان هذه المعايير إنما تتساوى مع نفسي وتتجاوب معها فأطبع عمومها بطابع شخصيتي الخاصة ومن ثمة نقبلها دون اعتبارها قيد " .

الإنسان بين الحرية والجبرية : لاحظ الفلاسفة والمفكرين على مر التاريخ التضارب الكبير في قضية الحرية بين الوجود والعدم ، فظهرت محاولات توفيقية ونجدها بشكل خاص في الفكر الاسمي في محاولة منه للتوفيق بين النصوص الشرعية التي تؤكد وجود الحرية وفي نفس الوقت تنفيها ومن هؤلاء

الأشعري

يرى هذا المتكلم ـ عالم كلام ـ أن الله هو خالق كل شيئ بما فيها أفعال العباد ، لكن هذا لا يعني عدم مسؤولية الإنسان عن الأفعال التي يقوم بها ، بل هو مسؤول لأنها صادرة عنه من حيث أنه اكتسبها بعد أن خلقها الله تعالى ، يقول الأشعري : "إن أفعال الإنسان لله خلقا وإبداعا وإنها للإنسان كسبا ووقوعا عند قدرته ، فالإنسان يريد الفعل وتتجرد له همته والله يخلقه " .

رأي ابن رشد

عارض أبو الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن رشد ( ولد في قرطبة سنة 520 هـ / 1126 م وتوفي في مراكش في سنة 595 هـ / 1197 م ) موقف الجبريين كما لم يتفق مع أنصار حرية الاختيار . ويرى بدل ذلك ، أن الله خلق للإنسان قدرة على القيام بمختلف الأفعال التي تمكنه من التكيف مع مختلف المواقف ، لكنه جعل لهذه القدرة قوانين وشروط خارجية تحيط بها فيكون للإنسان القدرة على الاختيار في إطار النظام الثابت أو الجبر ( أي في حدود القضاء والقدر ) فقال : " إنه يظهر إن الله تبارك وتعالى قد خلق لنا قوى نقدر بها أن نكتسب أشياء هي أضداد ، لكن لما كان الاكتساب لتلك الأشياء ليس يتم لنا إلا بمواتاة الأسباب التي سخرها الله لنا من الخارج ، وزوال العوائق عنها كانت الأفعال المنسوبة [ لنا ] تتم بالأمرين جميعا، وإذا كان كذلك فالأفعال المنسوبة إلينا أيضا يتم فعلها بإرادتنا وموافقة الأفعال التي من خارج لها وهي المعبر عنها بقدرة الله " ويقدم مثالا فيقول :" مثل ذلك أنه إذا ورد علينا أمر مشتهى من خارج ، اشتهيناه بالضرورة من غير اختيار فتحركنا إليه " لكن ابن رشد يجعل حرية الإنسان مشروطة بالقضاء والقدر ، وبهذا يقترب من رأي نفاة الحرية ( الجبريين ) ومع هذا عد رأيه حلا لمشكلة الحرية ، لأنه حاول أن يبعدها عن الطرح الميتافزيقي ويضعها في إطار آخر ، ونعني به الطرح الواقعي للحرية .

الحرية والتحرر الطبيعة مند نشأتها وهي تسير وفق قوانين ثابتة فيزيائية كيميائية ، والإنسان يتواجد فيها وما يقال عنها يصدق عليه وفي محاولته التكيف معها ، واجهته بحتمياتها ، إلا انه استطاع أن يسيطر على بعضها ، ليس بإزالتها وإنما بالتعايش معها. وذلك من خلال اكتشاف القوانين التي تتحكم فيها ، وبهذا المعنى ينبغي فهم التحرر ، مع التوقف عن مواصلة الجدل ، حول وجود الحرية من عدمه . وفي هذا الإطار نجد فريدريك انجلز (1820 ـ 1895 ) الذي كان يعتقد أن حرية الإنسان تزداد بتزايد معارفه العلمية واختراعاته التقنية فقال : " الإنسان لم يكن يتميز عن الحيوان ، فإن سيطرته على نفسه وعلى الطبيعة لم تكن بعد قد تحققت ، وبالتالي فإن حظه من الحرية لم يكن يزيد عن حظ الحيوان منها ، ولكن من المؤكد أن كل خطوة خطاها في سبيل الحضارة لم تكن سوى مرحلة من مراحل تحرره " . فها هو يتخلص من الأمراض الوبائية ، وهو في طريق للتحرر من طبيعته البهيمية القائمة على الشهوة والغريزة ومحاولة الرقي بإنسانيته . ويرى سبينوزا في هذا الصدد أن أفعال الإنسان هي ظواهر آلية تسير وفق قوانين ضرورية ثابتة ، ولكن هذا لا يلغي حريته ، فهو يحققها بالتدرج فكلما أزداد عقله علما ، أزداد فهما لقوانين الطبيعة ، ومنه لا تنافي بين الحرية والحتمية . يقول بول فاليري :(1871 ـ 1945 ) في هذا المعنى : " كلما أعترف ـ الإنسان ـ وأعاد إنشاء هذه الضرورة ثانية ، أكتشف الوسائل التي تساعده على تحويلها لصالحه " ويقول إيمانويل موني :(1905 ـ 1950 ) : " إن الحرية لا تكتسب بمضادة الطبيعة وإنما تكتسب بالانتصار عليها وبها " . وكان الإنسان يتقبل أشكال الظلم الذي يمارس عليه في المجتمع الذي يعيش فيه وكأنه قدر محتوم لا سبيل إلى رده ، وعندما أدرك أن بيده التغيير ، أعلن العصيان والتمرد على الحكام الظالمين وأوضاعه المزرية ، فتحرر من تلك القيود التي أثقلت كاهله لعصور ، حسب ما ورد في مؤلفات كارل ماركس ( 1818 ـ 1883 ) . وفي هذا قال ايمانويل موني :" إن كل حتمية جديدة يكتشفها العالم تعد نوطة تزاد إلى سلم أنغام حريتنا " . وقال انجلز: " القوانين التي تفرض ووجودها في المجتمع هي حتى الآن معتبرة كقوانين طبيعية غاشمة ، تفرض على الإنسان سلطة غريبة ولكن من الآن وصاعدا يتفهم هذه القوانين تفهما واعيا في مسبباتها ومن ثم يصبح هو سيدها ". إن التحرر هو إكساب الفرد لحريته بالفعل ، بعيدا عن التفسيرات الميتافزيقية ، ولن يتأتى ذلك إلا بمعرفته للقوانين التي تحيط به في بيئته الطبيعية والاجتماعية ويتحرر من داخله المتمثل في الغرائز البهيمية ، بأن يصعدها فتتحول إلى مصدر للأفعال المعقولة .

إن الحرية لا تعني اللامبالاة ، كما لا تعني الخضوع الأعمى إنها تكتسب تدريجيا بالتحرر الذي يؤمن بان حرية الفرد تنتهي عندما تبدأ حرية الأخر . ومع هذا مشكلة وجود الحرية أو عدمها ، تبقى موضوع دائم للجدل والنقاش ، وحتى أصحاب الحلول الوسطى التي تحاول التقريب بين الرأيين ، الرأي الذي يثبتها ، والرأي الذي ينفيها ، لم توفق فيما سعت إليه .كما أن الحديث عن التحرر فيه إشارة واضحة لجبرية الإنسان وأنه يقع تحت اكراهات يعمل على تجاوزها فهو في النهاية غير حر .

وهنا نتساءل مادمت الحرية في طور البحث والإنسان لم يصل إلى رأي واضح وأكيد ومقبول عند السواد الأعظم من المفكرين، وإذا كان هذا هو واقع الحرية ، فكيف نبني على افتراض وجودها قضايا أخرى ، وكيف يتم بناء موقف فكري أو فلسفي أو قضائي على شيء غير موجود أصلا ، أو انه في أحسن الأحوال غير مفصول في أمره؟ ونعني بذلك الحرية التي تعتبر عند رجال القانون الأساس الذي يجب أن يتوفر حتى يتحمل الشخص المسؤولية ، ويتحمل عواقب أفعاله . لكن كيف تكون الحرية شرط للمسؤولية ، في ظل هذا الخلاف القائم في شأنها ؟ ولكن قبل الإجابة على هذا لسؤال ، ما هي المسؤولية ؟
0 تصويتات
بواسطة (1.1مليون نقاط)
ملخص مفهوم الحرية والمسؤولية
الحرية والمســـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــؤولية

تعريف المسؤولية

هي الوضع الذي يسأل فيه الشخص عن أفعاله ، ويتحمل النتائج المترتبة عنها أخلاقيا اجتماعيا

شروط المسؤولية

الإنسان لا يكون مسؤولا في جميع الأوضاع وفي كل الأحوال، إن مسؤوليته تفترض وجود شروط ، أهمها النية والحرية والتمييز أو الرشد ، وللمسؤولية أنواع

أنواع المسؤولية

تتنوع المسؤولية بحسب السلطة التي يحاسب أمامها الفرد الفاعل، فإن كانت السلطة داخلية كانت المسؤولية أخلاقية، وإن كانت السلطة خارجية كانت المسؤولية اجتماعية.

أ ـ المسؤولية الأخلاقية : و تكون أمام سلطة الضمير ، وخاصة تلك الأفعال التي لا

يعاقب عليها القانون ، أو الأفعال التي يقوم بها الإنسان دون أن يُكتشف أمره.

  المسؤولية الاجتماعية : وتخص الأفعال التي يعاقب عليها القانون ، وتنقسم إلى نوعين بحسب طبيعة المخالفة:

مسؤولية جنائية : وتقع على الشخص الذي ارتكب مخالفة أو جنحة أو جناية، وعقوبتها القصاص ، بالنظر لدرجة الجرم ، ومدى ضرره الاجتماعي.

مسؤولية مدنية: وتقع على الشخص الذي أحدث ضررا بإرادته أو بإهماله أو بغفلته، و ذلك بفعله مباشرة أو بفعل من هم تحت مسؤوليته. وعقوبتها هي التعويض .

المسؤولية لا تشترط وجود الحرية :كثير من القوانين تجعل من توفر الحرية شرط أساسي في تحمل المسؤولية ، لكن البعض يرى أن الإنسان مسؤول ، وأن تحمله للمسؤولية لا يحتاج إلى شروط مادام الشرط الأساسي متوفر ، والمقصود بهذا الشرط هو أننا إزاء إنسان وليس أمام كائن أخر . فخصائص الإنسان تفرض عليه أن يتحمل المسؤولية في كل الظروف، وهذا ما يفسر تعنيف الآباء لأبنائهم إذا صدر منهم ما يستحق التعنيف ، دون أن يلتفت الآباء لشروط توفر المسؤولية من عدم توفرها ، وهذا أيضا ما ذهب إليه رجال الدين وبعض فلاسفة الأخلاق إن الإنسان مسؤول عند هؤلاء لأنه كائن عاقل وكفى .

حل المشكلة:



إن موضوع المسؤولية والحرية يرتبط أشد الارتباط بجوهر الإنسان . فكما أننا نقول في مجال الفلسفة ، إن الإنسان حيوان عاقل ـ مهما كانت حدوده الزمانية والمكانية ، ومهما كانت ظروفه وسنه ـ نقول أيضـا إنه كائن مسؤول ، بقطع النظر عن وضعه وأحواله .

اسئلة متعلقة

مرحبًا بكم إلى موقع النابض دوت كوم ، حيث يمكنك طرح الأسئلة وانتظار الإجابة عليها من المستخدمين الآخرين.
...