خطبة الجمعة عن الاستعداد لشهر رمضان
موقع النابض دوت كوم يقدم لكم أعزائي الزوار خطبة الجمعة عن الاستعداد لشهر رمضان مختصرة وهي كالتالي
الحمد لله الذي جعل الصيام جُنَّة للصائمين مِن النار، ومُكفِّرًا للخطايا، ومُضاعفًا للأجر، ورافعًا للدرجات، ودافعًا إلى زيادة الإحسان، وشافعًا لِمَن كان مِن أهله، وأشهد أنْ لا إله إلا الله، وحدَه لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، خيرُ مَن صلَّى لربِّه وقام، وأتْقَى مَن حجَّ وصام، فصلَّى الله وسلَّم عليه، وعلى آله وأصحابه الكرام، ما تعاقب ليلٌ مع نهار.
فيا عباد الله: إن الله جعل قلوب العباد تميل إلى المال، فالمال ميلٌ تميل إليه النفوس، والمال مال الله وقد استودعه الله بعض خلقه ليبلوَهم أيهم أحسن عملا، وما من يوم تشرق شمسه إلا والرّزق يحث عباده على الإنفاق والصدقة ويحذرهم من الشّحّ والبخل، وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "السخيّ قريب من الله قريب من الجنة قريب من الناس بعيد من النار، والبخيل بعيد من الله بعيد من الجنة بعيد من الناس قريب من النار، والجاهل سخيّ أحب إلى الله -عز وجل- من عابد بخيل".
*عباد الله* : إن موسم رمضان قريب منا، وما زال الناس محتاجين إلى معونتكم، أما علمتكم أن الله تعالى هو الذي رفعكم وأغناكم، لو شاء سلب منكم كلّ ما أعطاكم، فيا أهل الأغنياء! أما علمتم أنكم لأنفسكم ظالمون وعن أعمال البر تعرضون وعن أداء الفرائض تتكاسلون، أما قرأتم قوله تعالى: (( *سنستدرجهم من حيث لا يعلمون* )) فلو عجّل الله لعباده بذنوبهم لأهلكهم ولكنه تعالى حليم ستّار يطّلع على العاصي وهو في المعاصي فيستره (( *يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور* )).
*عباد الله* : فاتقوا الله تعالى، واستقبلوا شهركم بالتوبة والاستغفار وهجر الذنوب ورد المظالم وإخلاص العبادة لله وحده واتباع السنة والعزيمة المقرونة بالهمة الصادقة للظفر بخير هذا الشهر الكريم وإظهار الفرج والاستبشار به والحذر من التذمر والسخط، قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون.
*عباد الله* : إن أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم كانوا إذا دخل شهر شعبان أقبلوا على إخراج زكاة أموالهم ليعينوا الفقراء وذا الحاجة، وإذا كان هذا حال أصحاب الرسول فما بالكم -أيها الأغنياء- لا تخرجون زكاتكم لتعينوا فقراءنا. ويا أهل الأغنياء هذا وقت إخراج الزكاة ومعونة ذوي الحاجات ومواساة البائسين والفقراء، والويل كل الويل لمانع الزكاة يوم الوقوف بين يدي الحاكم بين عباده، وقد بسط الله تعالى لعباده ما لا يُحصَى من النعم ولكن أكثرهم لشكرها مقصرون لا من العبر يعتبرون ولا من بطش المولى وانتقامه يخافون (( *يا أيها الإنسان ما غرّك بربك الكريم * الذي خلقك فسواك فعدلك في أي صورة ما شاء ركبك* )).
*عباد الله* : وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من آتاه الله مالاً فلم يُؤَدّ زكاته مُثّل له مالُه يوم القيامة شُجاعاً أقرع له زبيبتان يطوقه يوم القيامة، ثم يأخذ بلهزمتيه أي -صدغيه- ثم يقول: أنا مالُك أنا كنزُك، ثم تلا -صلى الله عليه وسلم- (( *ولا يحسبنّ الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم بل هو شر لهم، سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة، ولله ميراث السموات والأرض والله بما تعملون خبير* )). وعن عبد الله بن مسعود قال: "لآوي الصدقة ملعونٌ على لسان محمد -صلى الله عليه وسلم- يوم القيامة".
*عباد الله* : إنا نأسف كثيرا حين نرى في واقعنا بعض المظاهر السيئة التي تدل على ضعف التعاون وقلة التكاتف وغياب الاستشعار بالآخرين وتجاهل مصائبهم وما وقع عليهم من البلايا والمصائب، فهذا مريض يَئِنٌ ويعرف الأغنياء أنه مريض ويسمع الكُلُّ عنه أنه قد حلّ به المرض وأنه في حاجة إلى الإعانة للعلاج.
*عباد الله* : هل تفقدْتم جيرانكم وتعاهدْتم فقراء حيِّكم، ويا إمام المسجد تفقّدْ جماعةَ مسجدك، وليكن لك دورٌ فعَّال في إطعام المحتاج وسدِّ عَوَزِ الفقير، ويا أيها الداعية إنّ مدَّ يَدِ العون إلى الفقير وقضاءَ دَينه وإشباعَ عياله، ويا معشر المسلمين لا تغفلون عن فقراء حيِّكم إذِ الصدقات والإحسان إليهم من أعظم الأمور التي تُفرِّج بها الغموم والكربات، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه.
اللهم فرّج هَمَّ المهمومين واقض الدَّين عن المدينين، اللهم اغفر لنا ذنوبنا يا أرحم الراحمين.
والله نسأل أنْ يبلِّغنا رمضان بلوغًا حسنًا، وأنْ يُعيننا على صيامه وقيامه، وأنْ يجعلنا فيه مِن الذَّاكِرين الشاكرين المُتقبَّلة أعمالهم، اللهم قِنا شرَّ أنفسنا والشيطان، واغفر لنا ولوالدينا وسائر أهلينا، اللهم احقن دماء المسلمين في كل مكان، وأعذهم مِن الفتن ما ظهر منها وما بطن، اللهم مَن أراد ديننا وبلادنا وأمْنَنا وولاتنا وجُندنا وأنفسنا وأهلينا وأموالنا بشرٍّ ومكرٍ ومكيدة فاجعل تدبيرَه تدميرًا له.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.
أقيموا الصلاة يرحمكم الرحمن...