0 تصويتات
في تصنيف مناهج دراسية بواسطة (1.1مليون نقاط)

مقالة الحق و الواجب 2025 

مقالة جدلية الحق و الواجب 

السؤال : هل العدل يتطلب أسبقية الحقوق أم الواجبات ؟ 

السؤال : هل العدل يتطلب أسبقية الحقوق أم الواجبات ؟ 

أهلا وسهلا بكم أعزائي الطلاب في موقع << النابض دوت كوم >>  التعليمي نطرح عليكم من المناهج الدراسية أسئلة تحضير و تلخيص أهم الدروس والنموذجية وحل الاختبارات لجميع مواد مناهج التعليم الحديث  كما نقدم لكم من كتاب الطالب المدرسي إجابة السؤال :-...مقالة جدلية عن الحق و الواجب هل العدل يتطلب أسبقية الحقوق أم الواجبات ؟ 

  الجواب هو / /  

هل العدل يتطلب أسبقية الحقوق أم الواجبات ؟ 

طرح مشكلة : ظهرت الحضارة الإغريقية في بلاد اليونان الكبرى مكتملة الوجود ما بين القرنين الخامس والتاسع قبل الميلاد وقد عرفت أرض اليونان منذ ظهورها انتقالا متواصلا في أنماط الحياة الفكرية و الاجتماعية و السياسية منها، خاصة بعد ظهور الفكر الفلسفي و تحول العقل من سؤال الطبيعة و الفيزيقا إلى فهم أغوار الإنسان و أعماقه، هذا التحول أدى إلى ظهور قضايا فكرية كبرى امتد طرحها إلى يومنا هذا ومنها نجد العدل كأحد أهم القيم الإنسانية العليا التي يسعى كل مجتمع إلى تطبيقها بأتم وجه ممكن و قد جاء في تعريف هذه القيمة الأخلاقية العليا أنها الإنصاف و القسط و الابتعاد عن الظلم و الجور، ارتبط العدل عبر التاريخ الفلسفي و القانوني بمفهومين أساسيين هما الحق و الواجب، يعرف الحق على أنه ما كان أمرا معلوما ثابتا بالشرع والقانون بحيث تجب المطالبة به ويمنع حجبه أو تركه، أما الواجب فهو يعني في الاستعمال اليومي ما نحن ملزمون به من مهام و نشاطات أو ما يطالبنا به الغير من مسؤوليات مختلفة بفعل قوانين تجعله إلزاميا وقطعيا وحول الأساس القادر على تحقيق العدل كمطلب أخلاقي و قيمة إنسانية اختلفت وجهات النظر بين الفلاسفة و رجال الدين و القانون فمنهم من أكد أن أسبقية الحقوق كفيلة بنشر العدل و تطبيقه في كل مجتمع إنساني وكطرف نقيض اعتبر البعض الأخر أن أولوية احترام الواجب و تطبيقه قبل الحقوق هو أساس العدل و قاعدته و بين هذين الطرحين نلمس نوعا من الجدال الفلسفي أمكننا التعبير عنه بطرحنا للإشكال التالي : هل يتحقق العدل بقتضي أسبقية الحق أم الواجب ؟ 

محاولة حل المشكلة :

يتبع في الأسفل 

1 إجابة واحدة

0 تصويتات
بواسطة (1.1مليون نقاط)
 
أفضل إجابة
مقالة الحق و الواجب 2025
مقالة الحق و الواجب   
السؤال : هل العدل يتطلب أسبقية الحقوق أم الواجبات ؟  ؟
محاولة حل المشكلة :
الأطروحة الأولى :في سبيل تحقيق العدل كقيمة انسانية عليا يؤكد البعض من الفلاسفة و رجال القانون و الفقهاء و حتى الكثير من الديانات السماوية و الوضعية أن العدل لا يكون حاصلا و لا قائما في أي مجتمع إنساني إلا من خلال العمل على إعطاء الناس كامل حقوقهم و بالتالي تسبيق هذا الأخير و نعني به الحق على الواجب و جعله قاعدة أساسية تبنى عليها المجتمعات العادلة  و يتبنى وجهة النظر هذه كل من " سقراط- جون لوك- سبينوزا- وولف..."
الحجج و البراهين :
• من خلال الاطلاع على تاريخ الفلسفة اليونانية نجد الحكيم و الفيلسوف سقراط ينادي بقيمة الحق كمطلب أخلاقي متعالي يجب أن يتمتع به كل إنسان دون أي تمييز أو اختلاف وهذا نظرا للطبيعة التي يشترك فيها البشر وهي التعقل من هنا كان سقراط ينادي بما هو مشترك ثائرا ضد كل محاولة لاستعباد الإنسان و سلبه حرية الفكر و التعبير فقد كان رجلا متحرر يخاطب العقول و يناقشها معتبرا أن كل الذوات تملك معارفها في أعماقها و لها القدرة على أن تعرف نفسها كما لها حق التعبير عن إرادتها الخاصة فالحق عند سقراط مقولة عقلية و فضيلة إنسانية و أخلاقية عليا  يقول سقراط ضمن ما كتبه عنه تلميذه أفلاطون في محاورة الجمهورية " العدل هو إعطاء كل ذي حق حقه ".
• فلسفة الحقوق هي دراسة كاملة في مفهوم الحق الإنساني مضمونه ومبرراته كما أنها نتاج لقانون طبيعي نبعت عنه قوانين دينية و اجتماعية ونظريات فلسفية مختلفة دونت الحق كسلوك أخلاقي وطورته ليصبح مطلبا إنسانيا في كل مجتمع قديم و معاصر هذه التحولات الكبرى للحق كانت ثمرة لمجهودات الفلاسفة عبر العصور و نتاج لثوراتهم ضد كل أساليب العبودية والتسلط وكان الفيلسوف باروخ سبينوزا من أكثر المدافعين عن الحقوق و امتازت فلسفته في العدل باختلافها عن معاصريه من فلاسفة الأنوار ، فقد أسس سبيوزا لنفسه أراء  فكرية متحررة واعتبر أن الحق يتلخص في أن لكل موجود حق مطلق في البقاء على وضعه فلدى الكل الحق في التصرف على إرادته وما تمليه عليه طبيعته و ما تشتهي غريزته دون أي قيود ولكن يختلف الإنسان بطبيعته العاقلة نحو تنظيم وجوده الاجتماعي من خلال وضع القوانين التي تحفظ كيانه يقول سبينوزا " حتى يعيش الناس في أمان و يحفظوا حقوقهم عليهم التوحد في نظام واحد وهو الدولة" و هذه الأخيرة- الدولة - ميزة الإنسان التي لا يستطيع الحيوان أن يحققها .  
• في القرن الذي سبق جون لوك اكتسبت لغة الحقوق الطبيعية مكانة بارزة من خلال كتابات مفكرين مثل غروتيوس وهوبز وبوفيندورف وغيرهم ، وكان موقف جون لوك مشابها لموقف توماس هوبز و مختلف عنه في ذات الوقت فقد أكد لوك في نظريته العقد الاجتماعي موقف هوبز القائل أن الإنسان مر بمرحلتين المرحلة الطبيعة والتي يطلق عليها اسم مرحلة الفطرة أو ما قبل الدولة ثم جاءت مرحلة التمدن بعد أن ابرم المجتمع عقدا سياسيا مع الحاكم، و في مضمون هذا العقد يختلف جون لوك عن هوبز حيث أكد لوك أن طبيعة الإنسان في مرحلة  ما قبل الدولة - حالة الفطرة - تتميز بأنها خيرة و لهذا فإن الدولة جاءت من أجل أن تحمي تلك الفطرة الخيرة و تحافظ على حقوق الإنسان و حرياته الطبيعية و تحدد له حقوق و حريات جديدة وهي الحقوق المدنية أو الوضعية و لهذا أكد جون لوك أن العدل السياسي و الأخلاقي يقتضي إعطاء الأفراد كامل حقوقهم و حرياتهم يقول جون لوك  " لما كان الإنسان يولد و من سماته سمة أي إنسان أو جماعة من الناس في العالم فله الحق في المحافظة على حريته وملكيته".
• كان الناس في الحياة الطبيعية يتمتعون بكل الحقوق الطبيعية مثل " الحرية ، الملكية ، الأمن ، المساواة " و سعيا منهم إلى حياة أكثر تنظيما تضمن لهم هذه الحقوق أبرموا عقدا يلتزمون بموجبه بجملة من الواجبات مقابل ضمان هذه الحقوق فالانتقال إلى الحياة المدنية جاء بهدف الدفاع عن هذه الحقوق و ليس إقصائها يقول "جون لوك " الحالة الطبيعية هي حالة حق الحرية الكاملة للناس في تنظيم أفعالهم والتصرف بأشخاصهم وممتلكاتهم ... وهي أيضا حالة المساواة "
• يقول وولف " كلما تكلمنا عن القانون الطبيعي لا يعني مطلقا قانونا طبيعيا بل بالأحرى الحق الذي يتمتع به الإنسان بفضل هذا القانون " في هذه العبارة يكشف لنا وولف أن ما هو طبيعي سبق ما هو مدني والتاريخ يثبت لنا أن الحقوق مرتبطة بالحياة أما الواجبات فهي قوانين وضعية مدنية ومن منطلق أسبقية ما هو طبيعي عن ما هو مدني فإن الحق يسبق وجود الواجب و لهذا لن يكون العدل إلى في ظل أسبقية الحقوق و المطالبة بها وعلى القوانين الوضعية المدنية أن تضمن تحقيقها وسيرها الحسن حتى يتجسد مطلب العدل في حياة كل مجتمع إنساني.
• إن سلطة أي الدولة و بقاؤها مرهون بضمان الحقوق الخاصة بالمواطنين ومنها" التعليم و الأمن و الصحة و العمل و التملك ..." كل هذا قبل مطالبتهم بأي واجبات فخضوع الفرد للدولة مرهون باحترام هذه الحقوق و تجسيدها و في غيابها ينعدم الولاء و الثقة بين الفرد و الدولة،  لهذا يجب على الدولة قبل أن تحاسب الأفراد على التزامهم بواجباتهم أن تحاسب نفسها عما قدمته لهم من حقوق فمن غير المعقول أن يحرم الإنسان من أدنى حقوقه تم يأتي من كان سببا في حرمانه منها ليطلب منه أداء وجباته بنوع من الظلم و التعسف لهذا جاء في الإعلان الخاص بحقوق الإنسان والمواطن الصادر عن الثورة الفرنسية 1789 " إن هدف كل جماعة سياسية هو المحافظة على حقوق الإنسان الطبيعية ... الحرية و الملكية و الأمن ".
• بالإضافة إلى هذا نجد أن المنظمات الدولية لحقوق الإنسان التي استمدت فلسفتها القانونية من فلاسفة القانون الطبيعي، كذلك تولي اهتماما كبيرا للحقوق على حساب الواجبات. حيث جاء في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان " .... لكل فرد حق الحياة و الحرية و سلامة الشخصية و المساواة أمام القانون " و" كذلك لكل شخص الحق في حرية التفكير و الدين و الضمير ... فجميع الناس أحرارا متساوين في الكرامة و الحقوق و عليهم أن يعاملوا بعضهم بعضا بروح الإخاء و دون أي تمييز.
• كما نجد في الدين الإسلامي تفصيلا تاما لحقوق الإنسان و منها الملكية و الحرية والمساواة و يشترط الإسلام ضوابط مختلفة في تنظيم الحقوق حتى يحصل عليها كل فرد دون انتهاكات أو تجاوزات وهنا نذكر ما ثبت عن قول الصحابي الجليل عمر ابن الخطاب عندما تحدث عن حق الحرية بعبارته القائلة " متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا ". كما نجد في الدين الإسلامي الحدود التي وضعت كعقوبات على الأشخاص الذين يتعدون على حقوق غيرهم مثل حد السرقة و الحرابة و التعدي على الغير من خلال عقوبات منها قطع اليد و القصاص و بهذا يمنع الإسلام سلب الناس حقوقهم المختلفة او التعدي عليها كما يعتبر الإسلام أن كل حق للإنسان هو في نفس الوقت حق للبشرية، وذلك من غير تمييز في اللون والجنس، حيث إن المساس بها هو إخلال بالحق الإلهي، ومن أنواع الحقوق في الإسلام حقوق الله -تعالى- على العباد: تتجلى في عبادته -جل جلاله-، وعدم الإشراك به، واتباع أوامره واجتناب نواهيه. حقوق النفس: من خلال القيام بالحاجات الأساسية لها من تغذية ونظافة، وعدم تحميلها فوق طاقتها، واجتناب حرمانها من النعم التي أنعمها الله -تعالى- على عباده. حقوق العباد على العباد: حفظ وصون حق الأهل والأبناء والجيران
النقد :
رغم ما قدمه هذا الطرح في إثبات أسبقية الحقوق وملازمتها للوجود الإنساني إلا أن أكبر تناقضاتهم و مأخذهم أنهم أهملوا وتجاهلوا الواجبات، وفي ذلك إخلال بتوازن المجتمع، وتفكك علاقاته، لأن أسبقية الحق تفتح الباب أمام ظهور نزوات الأنانية و مظاهر الاستغلال و التهرب من المسؤولية كما أن هذه الدساتير الدولية و الثورات الأمريكية و الفرنسية هي مجرد شعارات لتبرير الاستعمار و نهب ثروات الدول الضعيفة تحت غطاء حماية حقوق الإنسان و أبرز دليل على ذلك المثال الأمريكي الذي استغل هذه المنظمات و شعاراتها للتدخل في الشؤون الداخلية للدول الضعيفة و استنزاف خيراتها إضافة إلى ذلك قد يستعمل الإنسان مطلب الحق كذريعة للتعدي على حقوق الآخرين و سلب خصوصيتهم كما أدت المطالبة المطلقة بالحقوق في بعض المجتمعات الأوروبية إلى تراجع في القيم الأخلاقية و الاجتماعية و الدينية مثل حقوق المثليين وحق التحول الجنسي.
الأطروحة الثانية : في خضم تناول مشكلة العدل هناك الكثير من الفلاسفة و المفكرين و رجال القانون من أعطى الأولوية للواجبات و اعتبر أن القيام بالواجب هو السبيل الوحيد لتحقيق العدل كقيمة و فضيلة إنسانية عليا و من أهم المدافعين عن هذا التصور الفلسفي لفكرة العدل نجد كل من " كانط - أفلاطون -دوركايم-أوغست كونت".
الحجج و البراهين :
• الواجب مطلب عقلي، وضرورة واقعية تتجاوز منطق المنفعة والمصلحة والذاتية، إلى مستوى أداء الواجب لذاته، والالتزام بالقانون وما يفرضه من تضحية بالحقوق، فالجندي بدافع الواجب يقدم حياته عند الخطر فداءا لأمته، دون النظر إلى فقدانه لأهم حقوقه وهو حق الحياة وكل هذا يعني أن الواجب أسبق من الحق، لأنه يعبر عن قيمة إرادة الإنسان ونقاء قصده، فالإنسان إذا ما خير بين أداء واجبه أو نيل حقه فإنه ملزم بأداء واجبه أولا و ذلك حسب مقتضيات الضمير الخلقي الجماعي فربان السفينة في حالة غرق سفينته إذا تعامل بدافع الواجب فإنه يبقى فيها حتى يضمن نقل جميع أفرادها إلى قوارب النجاة وقد يكلفه هذا حياته لكنه إذا تعامل بمبدأ الحق ينجي نفسه أولا ويترك السفينة تغرق بمن فيها ولا شك أن الحالة الأولى هي الأكثر انسجاما مع مقتضيات الفعل الأخلاقي.
• كما نجد في الفلسفة اليونانية من يؤكد على فكرة الواجب وضرورتها في بناء المجتمع العادل وهو الفيلسوف اليوناني أفلاطون فقد قسم هذا الأخير المجتمع إلى ثلاثة طبقات و حدد المهام والوظائف التي يجب على كل فرد التقيد بها فحدد بذلك واجبات الحكماء أو الفلاسفة و واجبات الجنود و العبيد و قال بأن الامتثال لهذه الواجبات و القيام بها هو الذي يسير بالدولة نحو الاستقرار و أي إخلال بهذه الواجبات أو الإعراض عن القيام بها يجر الدولة لأوخم العواقب لذا يقول " إن الدولة تكون عادلة إذا أدت كل طبقة من الطبقات التي تكونها وظيفتها مثـل الجسد الذي لا يتوازن إلا إذا أدى كل جزء من الأجزاء المكونة له وظيفته".
• جعل الفيلسوف الألماني كانط الواجبات في المقام الأول ولم تعير فلسفته أي اهتماما للحقوق، لأن فكرة الواجب لذاته بالمعنى الذي يحدده كانط، تبرر أسبقية الواجبات على الحقوق فالواجب أمر مطلق منزه عن كل غرض مادي بل هو غاية و ليس وسيلة لنيل مصلحة فالواجب يستند على سلطة الضمير و أحكام العقل الثابتة بالتالي يكون العدل منزها عن كل غرض ذاتي حيث يقول : « الواجب هو ضرورة القيام بفعل ما احتراما للقانون » فعندما أعين ضعيفا أو أساعد عاجزا على اجتياز الطريق أرى أن ذلك من واجبي لكنني لا أشعر أن ذلك حق له علي، كما أنني لا أنتظر مقابلا من هذا العمل، مما يعني أنه واجب منزه عن كل حق ومصلحة شخصية يقول كانط " قم بالواجب لأنه واجب "
• إذا كان موقف كانط قد جعل الواجب إلزاما داخليا، فإن موقف عالم الاجتماع الفرنسي دوركايم يتفق معه في إلزامية الواجب لكنه يختلف، يرى إميل دوركايم أن الواجب يرتبط بالرغبة. يقول دوركايم ” الصفة الأولى للواجب هي الإلزام، لكن صفته الثانية الملازمة هي كونه محط رغبة“.  فالواجب حسب دوركايم وإن كان إلزاما، فليس العقل هو من يلزم به، وإنما المجتمع، من خلال إعطاء الاعتبار إلى اللذة و المرغوبية الاجتماعية، وبالتالي ليس هناك واجب يقوم به الإنسان لذاته، ويقوم به فقط لأنه واجب وإنما يقوم به لأن هناك ما يشجع على القيام به  ونعني به المجتمع يقول دوركايم " إذا قام كل بواجبه حصل الجميع على حقوقه ".
• أما بالنسبة إلى أوغست كونت وتماشيا مع نزعته الوضعية التي تتنكر لكل ميتافيزيقا، فيرى أنه لو أدى كل فرد واجبه لنال الجميع حقوقهم، لأن حق الفرد هو نتيجة لواجبات الآخرين نحوه، فقيام الجميع بواجباتهم يؤدي إلى رضاهم و تلبية حقوقهم حيث يقول : « ينبغي أن نحذف مصطلح الحق من القاموس و نبقي على الواجب » وهذا يعني أن تحديد الواجب سابق لإقرار الحق مثال ذلك أن أداء الأستاذ لواجبه التعليمي و أداء التلميذ لواجبه الدراسي و الأخلاقي يجعلهما يحققان توازنا و عدلا في الوسط التربوي .
•  يتبع
بواسطة (1.1مليون نقاط)
يرى أوغست كونت أنه  بمجرد مطالبة الفرد بحقوقه تنتشر في المجتمع تصورات و أفكار منافية للأخلاق و القيم، لأن المطالبة بالحقوق تفرض مبدأ الفردانية المطلقة والأخلاق في حقيقتها ذات طابع اجتماعي يقول كونت  "إن مراعاة الواجب ترتبط بروح المجموع" ولهذا يرى كونت في أخلاقه الوضعية أنه يجب تقديم ما هو اجتماعي على ما هو فردي فلا شيء أكثر غرابة حسبه من الحقوق الفردية،  يقول كونت "إن الفلسفة الوضعية لا تقر حقا آخر غير حق القيام بالواجب ولا تقر واجبا غير واجبات الكل تجاه الكل، لأنها تنطلق دائما من وجهة نظر اجتماعية ولا يمكن لها أن تقبل بمفهوم الحق الفردي. فكل حق فردي هو عبثي بقدر ما هو غير أخلاقي".
• ربط الفيلسوف الجزائري مالك ابن نبي الإنسان بالتراب لضمان قوت أهله و أسرته ، و هذا الموقف من الناحية الاقتصادية يعني القيام بالواجب ، و لهذا يرى ابن نبي أن القطعة من التراب التي اشتغل فيها الإنسان و استغلها أصبحت ملكا له ، أي له حق الملكية و هذا الحق هو نتيجة قيام الإنسان بالواجب . هذا المفهوم لما دخل المحيط الثقافي شهد تطورا كبيرا على كل المستويات ، و يرى أيضا أن فكرة الإنسان جبلت على إتباع ما هو أسهل أي تناول الأشياء بحقوق مجانية مسلمه ، أما القيام بالواجب فهو صعب لأنه محاط بالمرارة و الصعوبات النفسية ، فمن وجهة نظر مالك بن نبي فقد راعت الأديان مفهوم الواجب حتى لا ينحدر بنزواته ، و يستدل فكرته بما جاء في القرآن الكريم ( فلا اقتحم العقبة ) ، ليوضح أن واقع اليوم لم ينسخ هذه الآية ، التي كما يقول قائمة في مدلولها العام في ” الزمكان “. كما يري أن القرآن كمنهج أخلاقي يركز على مفهوم العقبة ، أي على مفهوم الواجب  فكل التوجيهات التي وردت في القرآن توجه المسلم إلى احترام الواجبات ، كمثال من السنة النبوية استدل ابن نبي  بقصة النبي صلى الله عليه وسلم  الذي جاءه رجل بطلب صدقة فاختار له النبي الطريقة التي يقتات بها و يحفظ له ماء وجهه فقد نظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى القضية من زاوية الواجب " اليد العليا خير من اليد السفلى"  يقول المفكر الجزائري مالك بن نبي "الحق ليس هدية تعطى ولا غنيمة تغتصب بل هو نتيجة حتمية للقيام بالواجب"
النقد :
من ناحية ما يبدوا هذا الموقف صائبا لحد بعيد و لكن مع ذلك لا يخلوا أي تنظير فلسفي من الانزلاقات الفكرية و التناقضات فصحيح أن أداء الواجب أمر ضروري للحصول على بعض الحقوق لكن الطرح الذي قدمته كل من الفلسفة الكانطية والفلسفة الوضعية يهدم العدل من أساسه، كونه يبتره من مقوم أساسي وهو الحق، فكيف يمكن واقعيا تقبل عدل تغيب فيها حقوق الناس؟ كما أن تاريخ التشريعات الوضعية التي يدافع عنها كونت تبطل ما ذهب إليه، فلا يوجد قانون وضعي يفرض الواجبات على الأفراد دون أن يقر لهم حقوقا بالتالي تصير العدالة ناقصة تسيء إلى الحياة الاجتماعية و توازنها هذا ما يؤدي إلى حصول التذمر ، و بالتالي قد تحدث ثورات و اضطرابات من أجل الحصول على الحقوق فالواجب قد يصير ذريعة لتبرير الظلم والاستغلال كما أن تغييب الحق هو إهمال للحريات الفردية الأمر الذي لا يتناسب مع قيمة العدل، بالإضافة إلى ذلك فإن بعض الأنظمة السياسية أصبحت تفرض الكثير من الواجبات على الأفراد في ظل القوانين المختلفة في الوقت الذي تضيق عليهم الحريات من خلال إعطاءهم مقدار قليل من الحقوق و هذه من وسائل السيطرة و الهيمنة السياسية على الشعوب.
التركيب :  من خلال عرضنا للموقفين السابقين حول موضوع العدل بين أسبقية الحق و الواجب فإن أقرب موقف إلى الموضوعية و الواقعية هو الذي يقول بالتكامل بين الحقوق والواجبات فإذا كان لفرد ما حق، فعلى الآخر واجب إشباع هذا الحق، فحق الفرد في استخدام ملكيته يتضمن واجب جيرانه في عدم التعدي على تلك الملكية، وإذا كان للفرد حق، فمن واجبه استخدام هذا الحق في الصالح العام لمجتمعه بما يكفل للفرد كرامته وللمجتمع انسجامه، إن هذا التناسب بين الحقوق والواجبات هو الذي يحقق العدل، لأن أي طغيان لطرف على حساب آخر: ينتج عنه الظلم والجور و بالتالي فالعلاقة بين الحقوق والواجبات ليست منفصلة، بل هي مترابطة ، فكما أن لكل فرد حقوقًا يجب أن تُحترم، عليه واجبات تجاه المجتمع وأفراده ،هذا التوازن بينهما حجر الزاوية لتحقيق الاستقرار. فعندما يُغلب أحد الجانبين على الآخر، تحدث الأزمات الاجتماعية و الأخلاقية و حتى الاقتصادية المختلفة  فثلا إذا طغت الحقوق دون الالتفات إلى الواجبات، ينتشر الجشع والأنانية. أما إذا زادت الواجبات على حساب الحقوق، فقد يؤدي ذلك إلى الاستغلال والقهر لذا يقال" العدل يكمن في أداء الفرد لواجبه و امتلاكه لما يخصه " .
حل المشكلة : من خلال تحليلنا لمعطيات هذا الإشكال الفلسفي يمكن القول أن مشكلة أولوية الحق أو الواجب ليست مشكلة حقيقية ولا واقعية، لأن العدل لا تتحقق إلا بهما ومن خلالهما دون رجحان أحدهما على الآخر. ولأن الحق هو عينه واجب والواجب هو الوجه الآخر للحق فإن حق الحياة - الذي هو حق طبيعي – هو في الوقت ذاته واجب الحفاظ على هذه الحياة في شخصك و في شخص الآخرين، وهذه الوحدة بين الحق والواجب وحدها تساعدنا في خلق مجتمع عادل   و بناءً على ما سبق فإن التوازن بين الحقوق والواجبات هو عملية مستمرة تتطلب الوعي والفهم. كما أن تحقيق هذا التوازن يُساهم في بناء مجتمع متماسك يسوده الاحترام و التعاون،  لذا يجب على كل فرد من أفراد المجتمع أن يسعى لتحقيق هذا التوازن في حياته اليومية مما يُعزز القيم في المجتمع ، و مع ذلك تبقى مشكلة الأسبقية بين الحقوق و الواجبات تطرح نفسها على المستوى الفلسفي و القانوني و الاجتماعي نظرا لما تتميز به الطبيعة البشرية يقول جون ديوي و هو فيلسوف أمريكي براغماتي " تعد مشكلة الحقوق و الواجبات و القانون من القضايا التي طال فيها الجدل و النقاش لأنها تعبر عن صراع مستمر بين ما تريده الفردانية كنزعة و ما تريده سلطة الجماعة".

اسئلة متعلقة

مرحبًا بكم إلى موقع النابض دوت كوم ، حيث يمكنك طرح الأسئلة وانتظار الإجابة عليها من المستخدمين الآخرين.
...