هل يمكن الاستغناء عن الغير والعيش في عزلة مطلقة غاستون بيرجي
تحليل نص غاستون بيرجي عزلة الأنا هل يمكن الاستغناء عن الغير والعيش في عزلة مطلقة
الإجابة هي كالتالي
المحــــــور الثاني : معرفة الغير :غاستون بيرجي
النص الثالث :. عزلة الأنا
كيف لا أحس (...) بأن هذه الحميمية مع ذاتي التي تحميني وتحددني ، هي عائق نهائي أمام كل تواصل مع الغير ؟ فقبل قليل ، كنت بالكاد موجودا وسط الآخرين . ولآن ، اكتشفت فرحة الإحساس بأنني أحيا إلا أنني وحيد في الانتشاء بفرحي . إن روحي ملك لي فعلا ، غير أنني سجين داخلها ، ولا يمكن للآخرين اختراق وعيي ، مثلما لا يمكنني فتح أبوابه لهم حتى ولو تمنيت ذلك بكل صدق (...) إن نجاحي الظاهر يخفي هزيمة شاملة : فالتجربة الذاتية وحدها هي الوجود الحقيقي ، وهي تجربة تظل غير قابلة ، اعتبارا لجوهرها ، لتكون موضوع نقل أو إخبار . فأنا أعيش وحيدا محاطا بسور ؛ وأشعر بالعزلة أكثر من شعوري بالوحدة ، وعالمي السري سجن منيع . واكتشف، في نفس الوقت ،أن أبواب عالم الآخرين موصدة في وجهي وعالمهم منغلق بقدر انغلاق عالمي أمامهم . إن ألم الغير ، يكشف لي بمرارة انفصالنا الجدري عن بعضنا البعض ،انفصالا لا يقبل بتاتا الاختزال .فعندما يتألم صديقي ،يمكنني ،بكل تأكيد ، مساعدته بفعالية ،ومواساته بكلامي ،ومحاولة تعويض الألم الذي يمزقه بلطف .غير أن ألمه يبقى رغم ذلك ،ألما برانيا بالنسبة لذاتي .فتجربة الألم تظل تجربته الشخصية هو وليست تجربتي أنا .إني أتعذب بقدر ما يتعذب ، وربما أكثر منه ،لكن دائما بشكل مغاير تماما عنه .فأنا لا أكون أبدا "معه" بشكل كلي (......)هكذا هو الإنسان ،سجين في آلامه ،ومنعزل في لذاته ووحيد في موته (...)محكوم عليه بان لا يشبع أبدا رغبته في التواصل،والتي لن يتخلى عنها أبدا.
غاستون بيرجي ، من القريب إلى الشبيه ، حضور الغير ، عمل جماعي ، 1957 ، ص 89 – 88
1- التعريف بصاحب النص: غاستون بيرجي (1960-1896) فيلسوف و صناعي فرنسي ولد بالسنغال ،مؤسس المركز الجامعي الدولي ، اشتهر ، أساسا، بدراساته عن هوسرل و في علم الطبائع caractérologie، أصبح عضوا بأكاديمية علوم الأخلاق و السياسة سنة 1955. أصدر مع أندريه غرو مجلة"تطلعات مستقبلية" Prospective سنة 1957. له عدة كتب و دراسات من أهمها: "أبحاث في شروط المعرفة" (1941)، " الكوجيطو في فلسفة هوسرل" (1950)، "بحث تطبيقي في تحليل الطبائع"(1950) " الطبع و الشخصية" (1954) ...
2- الإشكال: هل يمكن الاستغناء عن الغير والعيش في عزلة مطلقة ؟ أم أن الغير ضروري لمعرفة الذات وتطورها ؟
3- الأطروحة: تشكل الذات عالما فردا من نوعه في استقلال وانفصال عن الغير ، إذ لا يمكن سبر أغوار أحدهما رغم حضورهما معا
4- الأفكار الأساسية:
-استحالة معرفة الغير من فضل الحواجز والعوائق التي تنصبها الذات أمام الآخرين مما يجعلها ذاتا مبهمة أو شاذة تستعصي على الإدراك والمعرفة .
-لا يمكن معرفة الغير كذاتي ، لأنه وإن كان شبيها لي فإنه ليس مثلي ، وهنا تطرح مسألة الاختلاف وأن الغير لا يمكن أن يماثل الذات و إنما يختلف عنها ، وهذا الاختلاف يخرج الغير من دائرة المعرفة والضبط والإحكام
5- خلاصة تركيبية : استحالة معرفة الغير تطرح لنا مسالة عزلة الأنا الذي له إمكانية الاستغناء عن الآخرين وبالتالي نسقط في الفر دانية المتطرفة أو الأنا وحدية ، مما يجعل مسألة التعايش والتفاهم مستحيلة ما دام لا يوجد أساس مشترك يمكن أن نتفق عليه وأن ننطلق منه في عملية بناء الذات انطلاقا مما تنتجه هذه الذوات .
6- حجج النص:
حجة المثال " يتألم صديقي " --------- حجة التجربة " التجربة الذاتية وحدها هي الوجود الحقيقي "
7- مفاهيم النص:
الحميمية : هي المجال الخاص الذي لا ينبغي أن ينكشف وينفتح أمام الآخرين لأنه لو كان الأمر كذلك لما كانت هناك حميمية .
الانغلاق : ضد الانفتاح أو هو شكل من أشكال الانعزال أو الانكماش على الذات مما يجعلها غامضة ومبهمة لأنها غير واضحة ومتجلية .
8- قيمة النص: يقدم لنا النص تصور مثالي وواقعي لما يمكن ان يكون عليه الأنا والغير ، أي هناك مشاركة لكن ليست إلى حد الحلول ، مما يطرح صعوبة التوافق والتفاهم بين الأفراد وخلق عالم مثالي خال من الشر والألم والإقصاء