مقالة نموذجية حول اللاشعور هل هو فرضية علمية ام مجرد تخريف فلسفي ؟
اللاشعور بين النظرية العلمية والافتراض الفلسفي
مرحبا طلاب وطالبات البكالوريا 2024 2025 يسرنا بزيارتكم أن نقدم منهجية تحليل نص فلسفي وكتابة مقالات الفلسفة للسنوات الأولى والثانية والثالثة باك جميع الشعب بمنهجية صحيحة ومن أهم هذه المقالات والنصوص الفلسفة نقدم لكم في موقع النابض دوت كوم إجابة السؤال الفلسفي القائل... مقالة نموذجية حول اللاشعور هل هو فرضية علمية ام مجرد تخريف فلسفي
الجواب هو
هل تبرير اللاشعور يمثل نظرية علمية قائمة بذاتها، أم يظلّ مجرد افتراض فلسفي ؟
بين المنهج العيادي والتفسير النظري :
ما مدى مشروعية التساؤل عن القيمة العلمية للمنهج الذي يتبعه المحلّل النفسي من أجل معرفة الرغبات والميول اللاشعورية وما تبديه من نشاط سويّ أو غير سويّ ؟ ثم ما الذي تستطيع فرضية اللاشعور الفرويدية أن تفسره من السلوك الإنساني وهي لا تقدر أصلا أن تلاحظ ما هو شعوري ، ناهيك عمّا هو لاشعوري ؟
التحليل كمنهج عياديّ :
ممّا لا شك فيه أن التحليل النفسي كشف عن فعاليته وجدواه في علاج بعض الاضطرابات العصبية ، كما كشف عن مدى تأثير تجارب الطفولة المبكرة في سلوكات الراشدين ، وأصبحت الدراسات والنتائج التي استخلصها التحليل النفسي لقضايا اللاشعور تنير الكثير من الجوانب في سلوك المجرمين والمنحرفين والمجانين والفاشلين وقد عزّزت هذه الدراسات الجانب الإنساني فأصبح عدد من المنحرفين يدخلون المستشفيات بعد أن كان يُلقى بهم قديماً في غياهب السجون ، أو يظلّون عرضة للسخرية والامتهان .
فرضية اللاشعور والفرضيات المضادّة :
إن المبالغة التي حفل بها التحليل النفسي مع مؤسّسه الرائد ، قد أدّت إلى الشك في الطبيعة العلمية لفرضية اللاشعور ، بل أن تلاميذ المدرسة كانوا أوّل من شق عصا الطاعة ؛ فآلفريد آدلر (Adler A.1870- 1937) رأى أن اللاشعور ليس مردّه إلى الليبيدو ، بل هو راجع إلى الشعور بالقصور ، فالمصاب بقصور عضوي يسعى إلى تعويض هذا القصور وتغطيته عن طريق الأعراض العصابية ، وكل ما فسّره فرويد بالكبت فسره آدلر بعقدة القصور وبالتعويض . أما كارل يونغ (K.Young 1875-1961) ، فقد عارض هو الآخر أستاذه ورأى أن النظرية الجنسية كما وضعها فرويد غير كافية لأنها لا تتناول إلاّ جانباً واحداً من المشكلة ، فينبغي أن تضاف إليها الحاجة إلى السيطرة . وانتهى يونغ إلى وضع نظرية في اللاشعور الجمعي ، فلاشعورنا ليس مليئاً بالأزمات التي نكون قد عشناها أثناء طفولتنا فقط ، بل وكذلك بالأزمات التي مرت بها الإنسانية جمعاء .
وفضلا عن ذلك ، إن محاولة التحليل النفسي مع فرويد في جعل فرضية اللاشعور نظرية علمية لم تحقق النجاح المأمول لها ، إلا من الناحية التطبيقية كما رأينا، أمّا اعتبارها في مرحلة متأخرة فلسفة عامة مطلقة قادرة على تفسير كل النشاطات الإنسانية من فنون وآداب وعلوم ، فإنها دلّت على طموح يتجاوز واقع الأشياء ، لأنه أراد أن يفسر الظواهر على تنوّعها بمبدأ واحد هو اللاشعور ، وأن يفسّر كل نشاطات اللاشعور بمبدأ واحد هو الليبيدو ، فحاول بذلك أن يفسر الأعلى بالأدنى .
خاتمة : حل المشكلة
يتّضح إذن من خلال كلّ ما قدّمناه أن الحياة النفسية تتأسّس على ثنائية متكاملة قوامها الشعور واللاشعور ، الشعور بحوادثه وأحواله التي بدونها لا يتأتّى للإدراك وسائر الوظائف العقلية الأخرى أن تتفاعل فيما بينها أو مع العالم الخارجي، واللاشعور بمخزونه المتنوّع كرصيد ثريّ يمكّن في آن واحد من استكشاف تاريخ الفرد وكذا تقويم سلوكه . وبذلك فإنه لا ينبغي النظر دائما إلى الشعور على أنه ساحة صراع بين متناقضات ، بل بوصفه آلية للتوازن والتكيف والمعرفة ، ولا إلى اللاشعور باعتباره سجناً لرغبات مكبوتة قد تعصف بكيان الشخصية ، وإنما كطاقة يمكن توجيهها نحو الإبداع العلمي والفني . وتظلّ نظرية اللاشعور بوجه خاصّ ، في سياق التحليل النفسي ، بمثابة اجتهاد أدّى إلى اكتشافات مضيئة وهامّة حول النفس البشرية ومعالجة كثير من اختلالاتها على مستوى السلوك.