مقالة الحتمية واللاحتمية خاص بالشعب العلمية والتقنية
مقالة الحتمية واللاحتمية. هل ينبغي أن تكون الحتمية المطلقة أساسا للقوانين التي يتوصل إليها العلم
مرحبا طلاب وطالبات البكالوريا 2024 2025 يسرنا بزيارتكم أن نقدم منهجية تحليل نص فلسفي وكتابة مقالات الفلسفة للسنوات الأولى والثانية والثالثة باك جميع الشعب بمنهجية صحيحة ومن أهم هذه المقالات والنصوص الفلسفة نقدم لكم في موقع النابض دوت كوم إجابة السؤال الفلسفي القائل... مقالة الحتمية واللاحتمية. هل ينبغي أن تكون الحتمية المطلقة أساسا للقوانين التي يتوصل إليها العلم
الجواب هو
هل ينبغي أن تكون الحتمية المطلقة أساسا للقوانين التي يتوصل إليها العلم ؟
طرح المشكلة : إن الحديث عن الحتمية و اللاحتمية يقودنا إلى الحديث عن الاستقراء من الناحية الإجرائية ، أي خطوات المنهج التجريبي الرئيسية "الملاحظة ، الفرضية، التجربة "، وذلك بهدف الوصول إلى القوانين التي تتحكم في مختلف الظواهر "الانتقال من الأحكام الجزئية إلى الأحكام الكلية: وهو ما جعل الفلاسفة والعلماء يختلفون حول .ما إذا كانت كل الظواهر تخضع للتنبؤ" التوقع" أم أن هناك نوع لا يعترف بالمبدأ الحتمي إطلاقا؟. ومنه جاز لنا التساؤل . هل هذا الانتقال يوحي فعلا بان الكون يخضع وبالضرورة لنفس النظام.؟. بصيغة أخرى . هل هذا يدل على أن الكون بما في ذلك الكائنات تخضع لنظام ثابت؟. هل يمكن الإيمان بمبدأ الحتمية في العلم ؟وهل فعلا العلم حتمي بالبداهة ؟.
محاولة حل المشكلة :
الأطروحة الاولى :) مبدأ الحتمية المطلق(: إن هذا المبدأ في عمومه يقوم على إمكانية التنبؤ "التوقع" أي نتوقع حدوث بعض الظواهر ، فإذا عرفنا شروطها وأسبابها التي أحدثتها فإننا نقول إذا ما حدثت نفس الشروط وتوفرت نفس الأسباب أعطت نفس النتائج ، ومنه يمكننا توقع حدوث ذلك مستقبلا على نفس النحو الذي كانت تحدث عليه في الماضي ولعل هذا ما كان دافعا للعلماء التقليدين بالقول بهذا المبدأ ، إذ كان تصورهم للكون بالآلة الكبيرة يمكن توقع كل ما يحدث فيه، وهم بذلك لم يتركوا أي مجال للصدفة أو الاحتمال حيث يقول لابلاس :)انه من الواجب علينا أن نعتبر الحالة الراهنة للكون نتيجة لحالته السابقة وسببا في حالته التي تأتي بعد ذلك مباشرة ، ولو استطاع ذكاء ما آن يعلم في لحظة جميع القوى التي تحرك الطبيعة لاستطاع أن يعبر بصيغة واحدة عن حركات اكبر الجسام ، وحركات اخف الذرات وزنا فلا يرتاب في شيء ، ويكون المستقبل والحاضر ماثلين أمام عينه( هذا وقد رأى غوبلو أن الكون منسق تجري وقائعه وكل حادثة فيه بانتظام كل العلم يقوم على مبدأ. واحد ووحيد هو انتظام الظواهر . ومن هنا جاز لنا وجوبا الجزم بدقة النتائج وهو ما يثبت الحتمية . أما غاليلي رأي بأنه إذا ما عرفت الأسباب كان التعرف على جميع النتائج بكل دقة بعيدا عن الاحتمال ، وعليه كل الظواهر تخضع لمبدأ السببية ، أي إذا انعدمت الأسباب أصبح قيام العلم مستحيل ، وبالتالي وجب علينا أن نركز على سرعة الجسم لأنه قائم بدقة . وهو ما يفرض علنا مراعاة المسار والحركة وفي نفس المنحى اقر نيوتن بان الكون في شكله يشبه الآلة الكبيرة التي تسير وفقا لقوانين تحكمها وهي قوانين ثابتة وعليه العالم يشبه الساعة وبالتالي هو دقيق ومحكم . ونفس الشيء تحدث عنه بوانكارييه حيث قال :)العلم حتمي بالبداهة وهو يضع الحتميات موضع البديهيات لأنه لولاها لما أمكن أن يكون(. أما عالم النفس فرويد فقد رأى بوجوب الإقرار بالحتمية في ما يعرف بعلم النفس حيث قال : )إن كل حالة نفسية ليست حالة عبثية ، بل تخضع لحتمية اللاشعور (. هذا لان اللاشعور يدفعنا بنتيجة حتمية ، أي حتمية الأشياء تفرض علينا .أما عالم الاجتماع أميل دور كايم فقد تحدث عن وجود فيزياء اجتماعية وفقا لمعادلة احتمالية وهي : كل تطور متبوع بارتفاع ثم يليه انحدار وانحطاط وبالتالي تكون النتيجة حتمية .
النقد" المناقشة": لكن في مقابل ذلك نجد بعض العلماء وخاصة منهم المعاصرين اعترضوا على هذا الطرح جملة وتفصيلا ، إذ رفضوا وبشدة مبدأ الحتمية المطلق لان جل التجارب والملاحظات لا تجري بمنتهى الدقة والوضوح ومنه فالمعرفة الحاصلة تقريبه وكل تنبؤ يجري على التقريب ،فنحن نلاحظ أنه في المجال الذري تأخذ الجسيمات نوع من الحرية فلا يمكن إخضاعها للتوقع ، وهذا ما عبر عنه هيزنبرغ حيث يرى بان القياس الجزئي يمتنع عندما نحاول معرفة موقعه وكمية حركته ،إذ يصعب تعيين موقعه وسرعته الابتدائيتين ، فالاكتشافات العلمية في ميدان اللامتناهيات في الصغر
"الميكرو فيزياء"اثبت استحالة الحتمية .
الأطروحة الثانية : )مبدأ اللاحتمية(: انطلاقا من مبدأ الحتمية الأول وفي خضم الاكتشافات العلمية الحديثة تزعزع هذا المبدأ ولم يكن له شأن كما كان عليه في الأول ، لكونه يصدق على الظواهر الكبرى ، لكنه احتماليا في الظواهر الصغرى "الميكرو فيزياء" حيث بين العلماء المعاصرون أن مبدأ الحتمية المطلق أصبح مستحيلا إذ لا يمكن التنبؤ بالظواهر مستقبلا بعيدا عن الاحتمال مما جعل علماء الفيزياء يتكلمون بلغة الارتياب القائم على حساب تكرار الحوادث ، حساب احتمال حادثة ما بحساب حاصل قسمة عدد الحوادث الممكنة على الحوادث الكلية. فمثلا نجد انشطاين تحدث عن نظرية الانشطار باعتبار العالم ألمجهري لا يمكن أن تسوده الحتمية ، فانشطار ذرة الراديوم تخلف طاقة غير متجانسة بين الذرات . كما أنها لا تخلف أيضا مسار معلوم مدام غير متسق وعليه لا يمكن الانسياق وراء مبدأ الحتمية . أما هايزنبارغ فقد بحث في حركة ومسار الالكترونات فاثبت أنها خاضعة لنظام تلقائي تسوده العشوائية ، لذا اكتفى بحساب الالكترونات احتماليا فأكد بمبدأ الارتياب الالكتروني ، فإما أن يعرف مكان الإلكترون أو سرعته ولا يمكن أن تعرف السرعة والمكان في الان نفسه هذا وقد أضاف جميني بان الحتمية عبارة عن حجة اتخذتها الفيزياء الكلاسيكية غير أن سقوط نتائج هذه الأخيرة جعلت من الفيزياء أن تتبنى منهج الشك والارتياب ، وبالتالي لا يمكن تشبيه العالم بالساعة كما كان يدعي نيوتن ، إذ كل شيء في العالم خاضع إلى التقريب والتوقع والاحتمالية . أما العالم براك فاعتبر العلم الذري كله علما احتماليا وليس علما يقينيا ، فكل قانون علمي يتضمن الخطأ وليس مطلقا وبالتالي كل علم يلامس التقريب . هذا وقد أكد البعض بان لا ينبغي أن نقول علم النفس أو علم الاجتماع أو علم التاريخ لان هذه الأخيرة ليست بعلوم نتيجة الشك والارتياب . فمثلا في علم النفس اعتبر براغسون أن النفس الإنسانية متغيرة ولا تتصف بالثبات وهو ما جعل الحتمية أمر متعذر ، وبالتالي لا يمكن وضع قانون .
النقد :"المناقشة": لكن إذا كان تطبيق الاحتمال ممكن واستطاع أن يصل إلى اليقين في الميدان الذري، ويثبت أن الحتمية في ميدان الميكرو فيزياء ممكنة حتى وان بدت نسبية، فان ميدان العلم يخضع للحتمية بشكل أو بآخر .ولا يكون تطوره إلا في ظل الإيمان بهذه الحتمية .ثم أننا إذا سلمنا بان لهذا الموقف مبررات منطقية واعتبرنا العلم نسبي ، فانه يترتب على إلغاء الحتمية إلغاء العقل والعلم معا. ثم أن الخطأ أو الخلل يكمن في نوع وجودة الوسائل المستعملة
التركيب: وعموما يمكن الجمع بين الموقفين باعتبار انه يوجد في الكون حقائق حتمية وأخرى.
فالماكر وفيزياء خاضعة للمجال الحتمي ، الميكروفيزياء لا تخضع للحتمية ومنه نستنتج أن كل شيء يرتبط بوسائل البحث المستعملة ، فإذا ما عرفت هذه الوسائل أصبح مجال العلم حتمي ومنه فالعلاقة بين الموقفين كالعلاقة بين الفلسفة والعلم فالعلم حتمي بينما الفلسفة لا حتمية . ومنه يقوم العلم على المبدأين معا . كون الحتمية لا تلغيها اللاحتمية بشكل فعال ذلك لان العلم في حلاقته متواصل ولا يمكن له أن ينقطع.
حل المشكلة : نستنتج في الأخير أن مبدأ الحتمية و اللاحتمية كيلاهما لعب دورا رياديا في وقته بالنظر إلى حقيقة العلم وتطوره ،فان كان مبدأ الحتمية نسبي ، فان كذلك العلم نسبي .ومنه لا يمكن رفض هذا الأخير . وكخاتمة لهاذ المقال نقر بان للحتمية وجود في الطبيعة ولكنه ليس وجودا كاملا ، إذ هناك معجزات تكون خارقة للنواميس الكونية ، وبالتالي لا يستطيع العلم الإنساني أن يتحرر أو يتخلص من هذه المعجزات أو الحتميات وهو ما يعني زوال العلم والكون كله .